رسالة بعنوان: رقابة قضاء الإلغاء على مشروعية القرارات المتعلقة بالتعمير PDF
مقدمة :
تكتسي سياسة إعداد التراب أو سياسة تهيئة المجال أهمية بالغة، بل ودعامة أساسية للتنمية الشمولية والمتوازنة لكل مجتمع، من خلال الاستغلال العقلاني للمجال.)[1]( إذ تعتبر في هذا الصدد بمثابة سياسة عمومية تسعى إلى خلق الشروط الموضوعية لتنمية متوازنة للمجال الجغرافي عبر التخفيف من الفوارق الجهوية والتحكم في توجيه الاستثمارات وضبط النمو الديمغرافي والهجرة القروية المكثفة، وكذا التقليص من آثارها السلبية على المجالات الحضرية كالتوسع العمراني العشوائي، وكل ذلك في إطار إرساء توازن شمولي ومعقلن بين المجالين الحضري والقروي.)[2](
والثابت أن إعداد التراب أو تهيئة المجال، أصبح لأهميته موضوع انشغال معظم الدول لما يتولد عنه من مشاكل، يستوجب حلها التدخل عن طريق مجموعة من العمليات والإجراءات التي تشكل في مجموعها ما يصطلح عليه بالتعمير.فكلمة تعمير (urbanisme) حديثة العهد، إذ أنها ظهرت لأول مرة مع نظيرها الانجليزي City Planning ويعتبر المهندس الاسباني Delfonso cedra مبتكر الكلمة اللاتينية "URBS" حيث ألف سنة 1876 كتابا حمل عنوان النظرية العامة للتعمير.)[3]( والتعمير حسب "لويس جاكينيون" "Louis Jaquignon" هو " فن تهيئة المدن، أو علم المدينة، أو علم التجمعات التي تتميز بنوع من الاستمرارية، والموجهة أساسا للسكنى والعمل والمبادلات الاجتماعية")[4](. في حين اعتبره "جان ماري أوبي" و"روبير دوكوس أدير :""Robert Ducos Ader"& "Jean Marie Auby" هو " مجموع الإجراءات التقنية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية التي يتعين أن تمكن من إنماء متناسق عقلاني وإنساني للتجمعات السكنية.")[5]( أما" GASTON" فقد اعتبره" علما وفنا وفلسفة أيضا"[6][7]
هذا وقد عرفه" Bardet" انطلاقا من كونه أولا علما مرتبطا بمعرفة الأشياء ،والدراسة المنهجية للوقائع والأبحاث الأولية ثم بالإضافة إلى العمل الجاد المبني على التحليل التركيبي والذي يفضي إلى استخراج القوانين والمبادئ الأساسية.[8][9]
إن هذا التعدد في المفاهيم التي تعرضت لمصطلح التعمير جعلت بعض الباحثين يعتبرونه بمفهومه الحديث والواسع مفهوما جامعا، فهو يشكل " علما وفنا وقانونا وسياسة من السياسات العامة التي توظف قصد التدخل في عدة ميادين مترابطة.[10]
فهو علم لأنه ينبني على ضوابط ومعايير وقواعد تقنية نابعة من المنظور الهندسي وما تتطلبه من أشكال ومواصفات.
وهو فن لارتباطه بعمليات الإبداع والابتكار حيث الحاجة الملحة لضرورة استحضار الجانب الجمالي في تشييد العمران.
ويعتبر قانونا نظرا لمستوى التأطير التشريعي له، عبر وضع قواعد قانونية وتنظيمية تهدف إلى تنظيم هذا القطاع الحيوي.
وأخيرا فهو يعتبر سياسة كونه ليس غاية في حد ذاته، بل وسيلة يتم وضعها لتحقيق عدة أهداف تخدم التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية.[11]
والملاحظ أن مفهوم التعمير في البلدان المتطورة هو مفهوم وقائي أو توقعي، بينما هو في بلدان العالم الثالث عملية علاجية أساسا، ووقائية عرضيا.
ففي الحالة الأولى فالتعمير تنظيم، أما في الحالة الثانية فهو تسوية أوضاع ثم تنظيم.)[12]( ومن تم فالتعريف الذي يبدو أكثر تطابقا مع واقع التعمير في البلاد النامية هو الذيجاء به" J.B.Ford" عام 1920 والمتمثل في أن " التعمير هو علم وفن تطبيق التوقع العملي لوضع ومراقبة كل ما يدخل في إطار التنظيم المادي للتجمعات الإنسانية وما يحيطبها. لعل هذا يتضمن تصحيح أخطاء الماضي عن طريق إعادة البناء والتهيئة المناسبة، كما يتضمن أيضا الاستفادة من تجربة الماضي لوضع مشاريع الامتداد الحضري"[13][14] وتنظيم المجال كإجراءات قانونية هو ما يشكل موضوع قانون التعمير الذي يمكن تعريفه" كمجموع القواعد التي من خلالها يتعين على الجماعة باسم المنفعة العامة، وعلى الملاك باسم الدفاع عن المصالح الخاصة، أن ينسقوا مواقفهم وأنشطتهم من أجل تهيئة الحاضرة."12
وقانون التعمير فرع من فروع القانون الإداري، لم يتبلور كمادة قانونية معرفية يتدارسها الفقه، ويغنيها القضاء ويولدها التشريع إلا بعد الحرب العالمية الثانية، وبالأساس انطلاقا من دول أوربا الغربية.[15]
هذا مع العلم أن تنظيم المجال الحضري قديم قدم البشرية، ولعل هذا ما تجسد في المدن اليونانية القديمة وبقاياها الأثرية، علما أن فلاسفة الإغريق كذلك اهتموا بهندسة الدولة وبتقسيماتها حسب مساحتها وعدد سكانها تقسيما ساعد على حكم وإدارة المدينة.[16][17] بدوره التشريع الإسلامي له أثر واضح في تنظيم النسيج العمراني للمدينة القديمة حيث كان الدين هو المرجع لكل ما يهم البناء والتعمير، وقد ظهرت دعوة الدين الإسلامي للمساواة في التجانس والتكامل في العمران، حيث تتساوى المباني في الارتفاع، للحفاظ على حرمة الجوار وتتلاءم في كتلة بنائية واحدة، ولا يرتفع عنها غير مآذن المساجد وهو تعبير عن تكامل أمور الدين بالدنيا في تسيير حياة المجتمع الإسلامي.[18]
وقانون التعمير كتشريع عصري، نجده في فرنسا مر في تطوره بأكثر من مرحلة ،حيث انتقل في الخمسينات من سن معظم ما يعرف بالتعمير التنظيمي L’urbanisme.Réglementaire، الذي هو عبارة عن أوامر أو نواهي أو أذون، إلى إضافة في الستينات ما يسمى بالتعمير العملياتي L’urbanisme. Opérationnel، الذي هو بمثابة مناهج وآليات لتنفيذ المخططات العمرانية وتجسيدها ميدانيا، إلى الأخذ في السبعينات بمفهوم التعمير التشاوري الذي ينجم عن تشاور يتم بين الدولة والجماعات المحلية، وبين هذه الأخيرة والمنعشين العقاريين، إلى الأخذ في الثمانينات باللامركزية على مستوى الاختصاص، حيث تم نقل قضايا التعمير إلى المجالس البلدية )قانون 7 يناير 1983 بشأن توزيع الاختصاصات بين المجالس والمحافظات والجهات والدولة.[19]
أما المغرب فقد عرف أول تشريع عصري له في التعمير مع صدور ظهير 16 أبريل 1914 المتعلق بتصفيف الأبنية والتصاميم الموضوعة لتهيئة المدن وتوسيعها، والمرافق ورسوم التطهير، وهو بذلك مكن السلطات العامة أن تهيكل عشرات المدن الجديدة ،وتطويرها وتجميلها، من خلال صياغة ميثاق للتهيئة الحضرية، تم تعديله وتتميمه بعدد من النصوص القانونية الأخرى المكملة له أبرزها ظهير 14 يونيو 1933 المتعلق بالتجزئات العقارية، وظهير 31 غشت 1914 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة، قبل أن يتم إلغاؤه وتعديله بظهير 30 يوليوز 1952 المتعلق بالتعمير، وكذا ظهير 30 شتنبر 1953 بشأن التجزئات وتقسيم الأراضي)[20](. بالإضافة إلى ظهير 25 يونيو 1960 بشأن تنمية العمارات القروية بشأن التجمعات القروية الموجودة خارج المدارات المحددة من قبل الفصل الأول من ظهير 30 يوليوز 1952 المتعلق بالتعمير والذي تم تعديله وتغييره بظهير 17 يونيو 1992 بشأن التعمير )الصادر بتنفيذه قانون 12-90( وكذا ظهير 17 يونيو 1992 بشأن التجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم الأراضي )الصادر بتنفيذه قانون 90-25(،)[21] وهما القوانين المعمول بها حاليا.
رغم هذا فقانون التعمير بالمغرب يعتبر حديث النشأة بدليل أنه لازال قليل الاستيعابمن طرف الطبقة المثقفة، فبالأحرى الطبقة الشعبية التي وإن كانت ملزمة بالتعامل معقواعده بحكم ممارستها لها عن طريق عمليات البناء والتجزيء والهدم...، فإنها تقبل علىتلك الأعمال بعامل التعود والاستجابة لطلبات الإدارة في سبيل الحصول على المبتغى لا غير، جاهلة ما يحكم تلك العلاقة من قواعد منظمة بمقتضى نصوص ملزمة.[22]
وإذا كانت الإدارة تلعب دورا مهما في تنفيذ وتطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بالتعمير، من خلال الرقابة القبلية أو البعدية لتنظيم هذا المجال بواسطة قرارات إدارية إما بالإذن أو السحب أو الوقف أو المنع... فإن الواقع أثبت أن الإدارة تبقى عاجزة أو غير قادرة على فرض احترام قانون التعمير، أو هي من تبادر إلى عدم الالتزام بمقتضياته. ومن هنا تتجلى أهمية القضاء كجهة مستقلة، يسهر على تطبيق القانون وحماية الحقوق في بعديها الخاص والعام )حقوق الأفراد في مواجهة بعضهم، أو في مواجهة الدولة(، وهكذا بعدما يتمكن القضاء من إيجاد الحلول اللازمة للمنازعات المفروضة وتطبيق القانون تطبيقا سليما، يكون بذلك قد أشاع جو الثقة بين مختلف المتدخلين في الشأن التعميري، وبالتالي يتحول هذا الأخير إلى قاعدة لعملية التنمية على جميع المستويات، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: عن أي قضاء نتحدث؟ علما بأن التعمير عملية مركبة تتداخل وتتقاطع فيها مجالات مختلفة منها ما هو عقاري تقني مع ما هو مالي اجتماعي سياسي، بالإضافة إلى تعدد النصوص القانونية المنظمة له، وتداخلها مع نصوص قانونية أخرى مكملة لها، فضلا عن تعدد المتدخلين في هذا القطاع وعدم وضوح مجال تدخلهم، فإنه غالبا ما تثار منازعات في هذا الصدد، إذا كانت بعضها تكتسي صفة جنحية صرفة وبالتالي يبقى القضاء الجنحي هو المختص بالبث فيها، فإن البعض الآخر غالبا ما يكتسي صبغة إدارية تملك اختصاص البث فيه المحاكم الإدارية.[23]
وما يهمنا في هذا الموضوع هو رقابة القضاء الإداري، لكن نفس السؤال يعترضنا مرة أخرى هو : عن أي قضاء إداري نتحدث؟ علما بأن القضاء الإداري ينقسم إلى قضاء تعويض (الشامل) والذي هو ليس موضوع دراستنا، وقضاء إلغاء، الذي يحاول من خلالهالقاضي الإداري دراسة القرارات الإدارية المحالة إليه من طرف المتضررين منها ،ليتصدى للغير مشروعة منها بإلغائها بسبب عيب من عيوب[24] المشروعية، ويزكي المشروعة منها، كما يعمل على تأويل وتفسير وتحديد الإجراءات التنظيمية المتعلقة بتطبيق قانون التعمير أحيانا ، واحيانا أخرى ابتداع الحلول المناسبة لملأ بعض الثغرات القانونية الواردة في مقتضيات قانون التعمير[25] ، كما أن القاضي الإداري في هذا الصدد يقضي ولا يدير أي أنه يلغي القرار غير المشروع دون إمكانية توجيه أوامر للإدارة، احتراما لمبدأ فصل السلط.أهمية البحث:
يكتسي هذا الموضوع أهميته من خلال المنازعات التي أضحى يطرحها ميدان التعمير من الناحيتين القانونية والعملية وهذا راجع بالأساس إلى عدم الوعي أو قلته عند بعض المواطنين بأهمية اللجوء إلى القضاء الإداري لفحص قواعد المشروعية، والتخوف من مواجهة الإدارة خاصة في ميدان التعمير، حيث يشعر المتعامل مع المصالح المختصة أنه مرتبط بها لمدة قد تستغرق سنوات، بدءا من تقديم طلب رخصة البناء أو إحداث تجزئة... إلى غاية الحصول على رخصة السكن، أو شهادة المطابقة، مما يجعله يفضل أحيانا اللجوء إلى طرقه الخاصة لقضاء مصالحه أو لشراء حقه ولو على حساب خرق القانون.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى قد تستغل الإدارة قلة هذا الوعي أو التخوف لدى الأفراد، أو لبعض الأحيان جهلها هي بقواعد قانون التعمير المتسمة بالتقنية والتعقد ،لإصدار قرارات تغيب عنها الشرعية وتساهم في كثير من الأحيان بتدهور الوضع العمراني.
وانطلاقا من هذا يأتي هذا العمل لتسليط الضوء على رقابة القضاء الإداري- في شقهالمتعلق بالإلغاء لمحاولة فهم مختلف المنازعات التي يتخبط فيها ميدان التعمير، ومن خلالهمعرفة مجموع الثغرات التي تعتري قانون التعمير، ومحاولة الوقوف على بعض الأحكاموالقرارات التي تحاول أن تقيم نوعا من التوازن بين حق الإدارة المشرفة على تطبيق ومراقبة تدابير قوانين التعمير واحترامها وعدم الإخلال بها، وبين حق المواطن بالمقابل في الحصول على بناء مستوف لشروط ومعايير الجمالية والجودة ومحترم في نفس الوقت لهذه الضوابط.
ويمكن اعتبار هذا العمل بمثابة:
أولا: استعراض لما يمكن أن تقوم به مختلف الجهات المتدخلة في ميدان التعمير من مهام، بالإضافة إلى اختصاصات كل جهة في إصدار مختلف القرارات، تنويرا لكل من يهمه الأمر، وذلك بالاستعانة بمختلف النصوص القانونية المنظمة للمجال، خصوصا ما يعرفه السياق التشريعي المتعلق بالتعمير من محاولات للتجديد في السنوات الأخيرة ،انطلاقا من مشروع قانون تأهيل العمران رقم 42.00 ومشروع القانون 04.04 المتعلق بسن أحكام تتعلق بالسكنى والتعمير.
ثانيا: الوقوف على بعض نقط الخلل التي تشوب تدخلات مختلف الجهات المكلفة في ميدان التعمير لإصدار قراراتها، ثم تبيان كيفية تعامل القضاء الإداري – قضاء الإلغاء- ومساهمته في حل هذه النزاعات، ومحاولته خلق نوع من التوازن بين المصلحة العامة والخاصة.
ثالثا: قراءة نقدية لمختلف النصوص المنظمة لتدخلات الجهات المختصة بالتعمير ،وكذلك الأحكام والقرارات الصادرة في هذا المجال، مع إعطاء بعض الحلول بين الفينة والأخرى، للنهوض بمجال التعمير، ولن يتأتى هذا في نظرنا إلا بمراجعة مشروع قانون التعمير 04.04 مراجعة شاملة دقيقة لأنه بدوره تعتريه بعض النواقص، مع الإسراع والتعجيل بالمصادقة عليه والبدء بالعمل به باعتبار مجال التعمير يشكل الأساس أو الإطار العام الذي تقوم عليه الدولة، من خلال أهدافه الاجتماعية ، الاقتصادية، الأمنية وأخيرا الجمالية، فهو بالمقابل يطرح العديد من المشاكل والانشغالات اليومية.
إشكالية البحث:
ولمحاولة الرفع من أهداف التعمير على حساب مشاكله، ولخلق نوع من التوازن بين المصلحة العامة والخاصة للمخاطبين به، كان لابد من مساءلة المختص بحل منازعاته، ألا وهو القضاء الإداري: لذلك فإلى أي حد استطاع قاضي الإلغاء خلق نوع من التوازن بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة، من خلال مراقبته للقرارات المتعلقة بالتعمير؟
أكيد أن الإجابة على هذا الإشكال المركزي ستتفرع عنه مجموعة من التساؤلات الفرعية:
أين تتجلى رقابة القضاء الإداري في مجال التعمير؟ ما هي مختلف القرارات الصادرة في هذا ميدان؟ من هي الجهات المختصة في إصدار هذه القرارات؟ ماذا عن الإطار العلائقي لهذه الجهات؟ وبحكم تعدد هذه الجهات هل يقع تداخل في اختصاصاتها؟ ماهي السمة المؤطرة لهذه العلاقات: الإقصاء أم التكامل؟
هل دور القضاء الإداري في حل هذه المنازعات، واسع أم محدود؟ وهل يؤسس لاجتهادات قضائية جديدة؟ هل استطاع القاضي الإداري التأسيس والسمو بمبدأ المشروعية في معالجته للقرارات الصادرة في مجال التعمير؟
وهل من رؤية بديلة- خصوصا مع مشروع مدونة التعمير- يمكن أن تساهم في كسب رهان الحكامة العمرانية؟
للإجابة على مجموع هذه التساؤلات، وأخرى ستتبلور من خلال الخوض في تحليل الموضوع تقتضي أن نتناول دراسة وتحليل عدد من القضايا المترابطة فيما بينها، لتبيان المحددات القانونية والتنظيمية وأيضا المؤسساتية لميدان التعمير من خلال الوقوف على العديد من أحكام وقرارات المحاكم الإدارية في هذا المجال.
المنهج المعتمد:
إن الدراسة من هذا القبيل تقتضي الاستعانة بمجموعة من المناهج قصد صياغة مقاربة علمية قانونية حول رقابة قاضي الإلغاء على مشروعية القرارات المتعلقة بالتعمير ،وهو معطى يجعلنا نعمد إلى توظيف مجموعة من المناهج أبرزها:
- المنهج الوصفي: يعد من أكثر مناهج البحث الاجتماعي استعمالا نظرا لمدى ملاءمته مع الواقع الاجتماعي وخصائصه، فهو يشكل المدخل الصحيح لفهم الواقع ومعطياته، والكشف عن أبعاده وتفاعلاته.[26] على هذا الأساس سيتم اعتماده لتبيان مختلف الجهات المتدخلة في هذا الميدان، اختصاصاتها، والقرارات التي تصدر عنها نظرا لكون هذا المجال- التعمير- يتسم بالتداخل، التقنية والتعقد.
- المنهج التحليلي: الذي يقوم على قاعدة السوسيولوجية للرصد والتقييم، حيث المعاينة والمعاينة التحليلية[27] للإلمام بواقع تدخل قاضي الإلغاء وكيفية تعامله مع القرارات الصادرة في مجال التعمير، وذلك من خلال القيام بقراءة تحليلية لمقتضيات النصوص القانونية المنظمة لمجال التعمير ومحاولة إعطاء تفسير لها قصد إيجاد مبادئ وقواعد قضائية في هذا مجال ، معتمدا في كل ذلك على الاجتهادات التي كرستها مختلف المحاكم الإدارية وكذا الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى.
خطة البحث:
إذا كانت أغلب القضايا التي تعرض على هذه المحاكم، يهدف من خلالها رافعوها إلغاء القرارات الصادرة عن السلطات المكلفة بالتعمير، لما يمكن أن يترتب عن ذلك من مساس لمصالحهم ومراكزهم القانونية، فإننا سنحاول في هذه الدراسة تناول مختلف جوانب هذه المنازعات من خلال رصد أغلب التدخلات التي يقوم بها القاضي الإداري في هذا المجال، وكذا آليات مراقبته لمشروعية هذه القرارات، وذلك من خلال الفصلين التاليين:
الفصل الأول: رقابة قضاء الإلغاء على رخص التعمير
الفصل الثاني: رقابة قضاء الإلغاء على قرارات وقف الأشغال والهدم
---------------------------
لائحة المراجع :
الكتب: