مقدمة :
يعد الأمن من بين أهم المطالب التي تشغل المجتمعات البشرية إن لم نقل أنه أهم مطلب على الإطلاق، والتي جعلته أسمى إهتماماتها حيث لا إستقرار بدون أمن. وقد إحتلت قضية الأمن بمختلف أبعادها الإقتصادية والإجتماعية موقع الصدارة في هاته المتطلبات الإنسانية، وأصبحت بذلك الدول- اليوم والغد- تتخد لتأمينه بإتخاد إجراءات وترتيبات ضخمة وتخصص لذلك أفضل الإمكانيات، المادية والبشرية كما تعمل على تتبعه بالدراسة والتحليل من حيث مفاهيمه وأسسه وضماناته ومستلزماته وأنواعه بطريقة تكفل التقدم للمجتمع1.
وبذلك نجد أن شعور الإنسان بالأمن يمثل المؤشر الحاسم عند تقييم السياسات الأمنية وقياس الأثر الناتج عنها2، ولذلك كان جوهر الأمن هو التحرر من الخوف ومن أي خطر أو ضرر قد يلحق بالإنسان في نفسه أو عرضه أو ممتلكاته .
ويعد جهاز الشرطة الجهة الموكول لها الحفاظ وضمان الأمن الوطني الذي يتجلى في تأمين كيان الدولة والمجتمع ضد الأخطار التي تهددها داخليا وخارجيا وتأمين مصالحها وتهيئة الظروف المناسبة إقتصاديا وإجتماعيا لتحقيق الأهداف والغايات التي تعبر عن الرضا العام في المجتمع، وهاته الأهداف يمكن حصرها في مسألتين أساسيتين ،وهما إستتباب الأمن وتطبيق القانون المتمخضين عن ممارسة المهام الوقائية قبل وقوع الجريمة بإزالة أسبابها وهو ما يجسد عمل الشرطة الإدارية، و في حالة فشلت هاته الآلية لجأت الدولة إلى أسلوب الضبط القضائي من خلال البحث والتحري والمعاينة والتفتيش ،أي الأعمال التي تدخل في صلب الإختصاص الحصري للشرطة القضائية القائمة بأعمال البحت التمهيدي خاصة المتصلة بمسرح الجريمة .
ونظرا لسمو المتطلبات المنتظرة من هذا الجهاز فإن كافة المؤسسات الأمنيةأصبحت تحرص على حسن تأطير وإعداد وتأهيل ضباط الشرطة القضائية تكوينا جيدا ،وذلك عن طريق تلقينهم أسس العمل بهذا المجال وتزويدهم بصفة مستمرة بكل المستجدات التي تطرأ في الميدان العملي والقانوني .
ومن ثم أصبح المطلوب من رجال الشرطة بصفة عامة وضباط الشرطة القضائية بمختلف أصنافهم أن يكون رجل قانون وإجتماع وأخصائيا نفسيا ولديه معلومات طبية وعلمية مختلفة في الكثير من النشاطات، وأن يكون ملما بطبيعة السلوك الإنساني وعلم السلوكيات وغيرها من المعارف المختلفة ولو أنه ليس المطلوب تخصصه الكامل والدقيق في كل ذلك، ولكن طبيعة عمله خاصة المتصلة بمسرح الجريمة تفرض عليه الإلمام بجوانب أساسية في الكثير من المعارف3، لأنها كلها تحديات إستوجبتها ثورة التقنيات والمعلوميات، فتم الإجماع على ضرورة إستفادة أجهزة الأمن من هذه التقنية وذلك من أجل أداء أعمالها المختلفة خاصة المتعلقة والمرتبطة بمسرح الجريمة من جهة ومن جهة تانية من أجل مسايرة التطور الذي حدث في مجال التجريم سواء التقليدي أو الحديث ،والهدف هو مواجهة مختلف الصعوبات والعراقيل التي قد تواجه هذا الجهاز خاصة المتعلقة بمسرح الجريمة.
أولا : التحديد المفاهيمي للموضوع
إن الموضوع الذي بين أيدينا يتضمن مفهومين لابد من تحديدهما حيث يتجلى المفهوم الأول في الشرطة القضائية، والثاني في مسرح الجريمة.
- الشرطة القضائية
تعنى كلمة شرطة في قاموس المعاني هي الشرط شرطا وفي لسان الغرب4 الشرطة هي الخير لأن شرطه كل شيء خياره وقيل أشراط الشيء أو أدله منه أشراط الساعة، وقيل الأشراط الأشراف والشرطة من حفظه الأمن في البلاد، وصاحب الشرطةهو رئيسها وربما يسمى عامل الشرطة، ومتولي الشرطة وولي الشرطة .
وإصطلاحا : هم نخبة السلطان من جندهن وهم المكلفون بالمحافظة على الأمن الداخلي وذلك من خلال منع وقوع الجريمة والقبض على المشتبه فيهم .
وحروف كلمة شرطة بالإنجليزية تعني )Police( وكل حرف من هاته الكلمة يشير إلى معنى راقي يحمل مضمونا جليا ويمكن تفكيكها على النحو التالي :
Polite :P تعني المهدب.
obdient : O تعني المطيع .
Logical : L : تعني المنطقي.
IN :I : تعني في .
.تعني المتحضر civilized : C
. تعني المتعلم : Educated : E
وتعني في إجمالها، الرجل المهذب المطيع والمنطقي والمتحضر والمتعلم5، وبصفة عامة نجد الشرطة القضائية تتكون من مصلحتين إثتنين .
مصطلح الشرطة- أو الضابطة- يقصد بها الأطر البشرية المؤطرة الساهرة على ضبط الأمن وإستتبابه وإشاعة الراحة والطمأنينة بين المواطنين والعمل على إتخاذ جميع التدابير والإجراءات القانونية للحيلولة دون إثارة أي سلوك إجرامي من شأنه التأثير سلبا على مسار المجتمع أو على أمن وراحة أفراده، والذي يتخرجون من مدارس ومعاهد تتكفل بتكوينهم وإعدادهم جسديا ونفسيا وإجتماعيا وعلميا من أجل القيام بمهامهم النبيلةوالشريفة ليكونوا بعد تخرجهم حماة الأمن ودعامته الرئيسية.6
أما مصطلح القضائية: يقصد به بكون أن أعمالهم تمارس تحت إشراف قضائي ،وذلك سواء من حيث تقسيم نوعية تدخلهم ومباشرتهم لمهامهم، وتحديد نوعية هاته المهام بحيث أن هاته الأخيرة تتم ممارستها من قبلهم في نطاق تنفيذ الأوامر القضائية أو مباشرة أعمال قانونية تدخل في نطاق المحاضر والأعمال التمهيدية للأفعال المعتبرة بقوة القانون جريمة سواء تعلق الأمر بمخالفة أو جنحة أو جناية7.
تجدر الإشارة في هذا الإطار أنه وحسب أحد الباحثين8، كون أن الهدف الرئيسي من إخضاع جهاز الشرطة -خاصة الشرطة القضائية- إلى الإشراف القضائي وهو أن جميع الأعمال التي يقوم بها هذا الجهاز-لابحث تمهيدي بمفهومه الواسع- فيه مساس مباشر بحقوق وحريات الأفراد الذين تمارس عليهم هاته السلطات، وبما أن القضاء هو الحارس الطبيعي للحقوق والحريات مهمته الأساس هو التطبيق السليم للقانون وبذلك تم إخضاع هذا الجهاز للرقابة القضائية وهو توجه سليم حسب رأينا .
ونجد أن جهاز الشرطة القضائية هو ذلك الجهاز الذي لا يمكن تصور أي مسرح للجريمة إلا وتواجد فيه وبحث في داخله، وفي نفس الوقت تعد الشرطة القضائية هو ذلك الجهاز الذي لا يمكن تصور أي ملف تثار فيه الدعوى العمومية، سواء من قبل النيابة العامة او قاضي التحقيق دون توفيره على بحث تمهيدي يفيد تدخل هذا الجهاز في مناقشة وقائعه التي تم إستجلاءها من مسرح الجريمة.
- تحديد مفهوم مسرح الجريمة
مسرح الجريمة هو الشق الثاني من المفاهيم الواجب تحديدها، وبذلك نجد أن فقهاء علم الإجرام إختلفوا حول تحديد مفهوم مسرح الجريمة وتعريفه، حيث قصره البعض على أنه مكان إرتكاب الجريمة، بينما يرى البعض الأخر أنه يمتد إلى الأماكن المحيطة به، والتي تحوي الأدلة الجنائية وأماكن الإخفاء وغيرها التي من شأنها أن تساعد في كشف الجريمة9.
ولقد وردت عدة تعاريف التي قال بها الفقهاء في محاولة إعطاء مفهوم محدد لمسرح الجريمة إلا أنه ليس هناك إتفاق حول تعريف دقيق له من قبل الفقه، فهناك من يرى بضرورة التوسع في مفهوم مسرح الجريمة حيث يحدد بأنه المكان أو مجموع الأماكن التي تشهد مراحل الجريمة من إعداد وتحضير وتنفيذ والذي تنبثق منه كلمة الأدلة الجنائية، حيث نجد أنه ليس من الضروري أن يكون مسرح الجريمة الإبتدائي هو مكان وقوع الجريمة النهائي فقد تحدث في مكان يصاب منه الضحية، ثم يتحامل على نفسه ويتحرك من ذلك المكان إلى آخر ليلفظ أنفاسه الأخيرة به أو قد ينقله المشتبه فيه إلى مكان آخر محاولا إخفاء جثمانه حتى لا يكشف أمره، ومن ثم فمكان تواجد الجثة يعتبر مسرح الحادث الإبتدائي أو الثانوي والذي قد يقود إلى مسرح الجريمة الحقيقي بعد فحصه وتقصي جميع الآثار العالقة به.10
في حين عرفه البعض الآخر"بأنه نقطة البداية المهمة مسندة إلى جهات البحث والتحقيق، في مجال كشف الجريمة وإزالة غموض الجريمة"11، وفي تعريف آخر لمسرح الجريمة "قيل أنه هو ذلك المكان الذي وقعت فيه جريمة أو أكثر بمادياتها ومعنوياتها"12.
في حين هناك من يعتبره المصدر الأساسي الذي تنبثق كافة الأدلة باعتباره المكان الذي يعطي ضابط الشرطة القضائية الخيط الأول اللازم في مجال البحث الجنائي والقادر على كشف النقاب عن الآثار المادية التي قد يكون منها أدلة مؤدية للإتهام وبعدها فحصها والتأكد من صحتها.
وبذلك نجد أن مسرح الجريمة هو الشاهد الصامت على أسرار الجريمة، ومكوناتها فهو يعتبر الحلقة الأهم ومستودع السرالأساسي لجميع الأدلة سواء كانت أدلة الإدانة أو البراءة.
هذا على المستوى الفقهي أما على المستوى التشريعي، نلاحظ أن المشرع المغربي لم يقم بإعطاء تعريف لمسرح الجريمة، وإنما إكتفى بتحديد واجبات ضابط الشرطة القضائية في الإنتقال الفوري إليه والقيام بكل ما يلزم للمحافظة عليه، هذا من جهة ومن جهة ثانية نجد أن المشرع المغربي إستعمل مصطلح مكان ارتكاب الجريمة وليس مسرح الجريمة، والحال أن المصطلح الأكثر دقة هو مسرح الجريمة .
ومن ثم نعتقد حسب رأينا بأن مسرح الجريمة "هو ذلك الفضاء أو المكان الذي إرتكبت فيه الجريمة بمادياتها ومعنوياتها الذي كان شاهدا على مراحل إرتكابها، والذي يلعب فيه ضابط الشرطة القضائية دورا رئيسيا في إستنطاقه ."
ثانيا : التطور التاريخي للموضوع
إن الشرطة القضائية قبل أن تصبح كماهي عليه الآن قد عرفت تطورا تاريخيا ،وليس من العبث وصفها بأنها "العين الساهرة على حماية المجتمع وأمنه وإسقراره ،"فهاته الأخيرة -الشرطة القضائية- قديمة قدم إنتظام الناس في مواقع حضرية بالمدن عندما إتسعت دائرتها، فالمجموعة الحضرية التي هي حدث العين الساهرة حرصا على أمنها بعد أن أصبحت مراقبة الأفراد مباشرة متعذرة بسبب إنتشارهم فوق مساحات لم تعد تحدها العين وتسبب إختلاطهم بجماعات أخرى إستوطنت نفس الأمكنة أو قدمت للمدن في سبيل الاتجار أو تبادل الصناعات والمحاصيل الزراعية ومن ثم الخدمات 13.
أما من الناحية الكرونولوجية للموضوع فيمكن تعقبه من خلال المحطات التالية:
فالشرطة في العهد الإغريقي والروماني عرفت من خلال أفراد يكلفوا من قبل الحاكم بمراقبة الأسواق وفض النزاعات بين الأفراد وإنزال الجزاء بالمخالفين للأنظمة المتعلقة بالموازين والكيل والصحة العامة، بالإضافة إلى العمل على مراقبة الاجانب والأحزاب الذين يحلون بالمدينة من أجل الأعمال التجارية أو الصناعية .
أما الشرطة القضائية في فرنسا فقد عرفت تدبدبا ناتجا عن الظروف التي عاشتها البلاد، فبعد أن إمتد النفوذ الروماني إلى بلاد الغوليا التي كانت تضم إيطاليا الشمالية وفرنسا وبلجيكا نزعت من الشرطة سلطة البت في القضايا الجزائية وأحيلت على النائب الحاكم وقد يلجأ هذا الأخير أحيانا للإستعانة بالمواطنين لتأمين الحراسة الليلية، ومنذ القرن السادس عشر أحدثت ضمن الشرطة المكلفة بحفظ الأمن فرقة خاصة كلفت بالقبض على المجرمين والتحقيق معهم وإحالتهم على المحاكم14.
وفي هذا الإطارنجذ أن أدوار وسلطات ضابط الشرطة القضائية في إتصال بمسرح الجريمة عرفت هي الأخرى تطورا مهما خاصة في فرنسا، وهذا ما يمكن إستنتاجه من خلال التأمل في تطور قانون المسطرة الجنائية الفرسية التي تعتبر من أوائل التشريعات التي أرست بشكل مظبوط صلاحيات وسلطات ضابط الشرطة القضائية في إطار مسطرة البحت التمهيدي، حيث ظهرت البوادرالأولى لهاته السلطات مع ق.م.ج الفرنسية لسنة 1791 الذي حدد لأول مرة ضوابط عمل ضباط الشرطة القضائية، هذا القانون تم تعديله سنة 1808 بموجب قانون 16 ديسمبر1808 الذي دخل حيز التنفيذ سنة 1811،
وبعدهاعقبت هذا القانون مجموعة من التعديلات إلى غاية صدور تعديل 2000. 15
معظم هاته النصوص القانونية حددت السلطات التي يمارسها ضابط الشرطة القضائية أثناء قيامه بالبحت التمهيدي، الذي غالبا ما تكون صلاحياته متصلة بمسرح الجريمة، سواء كانت هاته السلطات منصبة على الأشياء أو على الأشخاص.
أما عن صلاحيات وسلطات الشرطة القضائية في مسرح الجريمة بالمغرب فلم تكن معروفة مطلقا إلا بمجيء الإستعمار الفرنسي والذي فرض الحماية سنة1912 والتي إستمرت إلى غاية حصول المغرب على الإستقلال سنة1956، لكن قبل هذا الوقت كانت هناك مجموعة من الظهائر سارية المفعول، وتم الإنتظار إلى غاية صدور قانون المسطرة الجنائية لسنة 1959 المنسوخ من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي، هذا القانون الذي سيتطرق لأول مرة عن أدواروسلطات الشرطة القضائ ية التي تقوم بالبحت التمهيدي خاصة المرتبطة بمكان إرتكاب الجريمة، وبعدها أعقبته جملة من التعديلات وذلك بصور قانون 1974 لكن تبقى أهم النصوص القانونية هي قانون 22.00 والذي تم تعذيله سنة 2011.
وإذا كان الأمر كذلك بالنسبة للتطورالتشريعي لمؤسسة الشرطة القضائية سواء في فرنسا والمغرب، نجد أن مسرح الجريمة مر أيضا بتطورات حتى وصل إلينا بالشكل الذي هو عليه اليوم، حيث لم يكن ميلاد الشرطة التقنية -الفاعل الرئيسي في مسرح الجريمة- بمحض الصدفة بل أتى إنطلاقا مما خلفته الثورة التكنولوجية ونتاجا لما قدمته العلوم الطبيعية والإجتماعية لعالم التحري والبحث الجنائي، حيث كانت البوادر الأولى لنشأة الشرطة التقنية إبتداء من النصف الثاني من القرن التاسع عشر، مع ابتكار أسلوب القياس الجسماني لحل إشكالية تشخيص المشتبه فيه والتعرف على المجرمين ذوي السوابق القضائية.
ويعد "ألفونس بيتروين" العالم الفرنسي الرائد في هذا المجال، حيث قام بإبتكار مفهوم ما يعرف الآن بالتشخيص القضائي17 الذي يتم بعدة طرق من أهمها القياس الجسماني الذي طبقه هذا العالم في6 فبراير1883، وقد أضاف إليها لاحقا مجموعة من التقنيات الوصفية كالصور الناطقة والتبصيم الأصعبي.18
أما بالنسبة للمغرب لم تغب عنه فكرة إحداث مختبر للشرطة العلمية والتقنية، حيث أنه ومباشرة بعد إستقلاله سنة 1956 وبعد تأسيس مؤسسة المديرية العامة للأمن الوطني في ذات السنة ثم إنشاء مختبر تقني مركزي أنيطت به مهمة الكشف عن الآثار التي يخلفها المشتبه فيهم بمكان الجريمة، وبعدها تطورت الشرطة التقنية والعلمية لتسهيل الدراسات العلمية لوقائع تزييف العملة والوثائق لكن في سنة 1998 يتم تأسيس مختبر الشرطة التقنية سنة 1998 والشرطة العلمية في سنة 1995، لكن في سنة 2004 سيتم الدمج بينها مع تأسيس وحدات خاصة ومتخصصة للبحث في مسرح الجريمة إلى جانب باقي الفاعلين الرئيسيين فيه :
ثالثا: أهمية الموضوع
إن الموضوع الذي بين أيدينا له أهمية جد بالغة سواء من الناحية النظرية أومن الناحية العملية.
أهمية الموضوع من الناحية النظرية :
تكمن في تعريف المخاطبين بأحكام القانون كافة، مواطنين وفاعلين بدور الشرطة القضائية وللدورالذي تلعبه في مسطرة البحث التمهيدي- بمفهومه الواسع- بالسلطات والصلاحيات التي يتمتع بها هذا الجهاز خاصة في علاقة بمسرح الجريمة سواء المرتبطة بالأشخاص أوبالأشياء وكذلك التعريف بهاته السلطات و الصلاحيات و التي قد تنال من حقوق الأشخاص الذين تمارس في مواجهتهم، وخصوصا المتعلقة بإجراءات البحث والتحري والقبض والتفتيش والوضع تحت الحراسة النظرية، وهذا الأمر قد يساعد المخاطبين بأحكام القانون التعرف بشكل دقيق على مالهم من حقوق وما عليهم من واجبات .
أهمية الموضوع من الناحية العملية:
فتتمثل أساسا في تزويد رجال الشرطة القضائية الذين يتعاملون مع بمسرح الجريمة بالأحكام الشرعية والقواعد الفنية التي يجب عليهم مراعاتها من طرفهم أثناء عملهم بمسرح الجريمة وما يتواجد في داخله من أشخاص أو أشياء، وذلك حتى لا يكونوا عرضة للمساءلة القانونية التي تفرض عليهم سواء من المؤسسة الأمنية التي ينتمون إليها أو من طرف الجهاز القضائي الذي يراقب أعمالهم خاصة النيابة العامة والغرفة الجنحية.
هذا من جهة ومن جهة أخرى نجد أن إدراك الأحكام والقواعد الفنية المتعلقة بكيفية التعامل مع مسرح الجريمة تمكنهم من تجاوز مختلف الصعوبات والعراقيل القانونية والعملية التي قد تواجههم .
رابعا: إشكالية الموضوع
لاشك أن الشرطة القضائية ساهمت بشكل كبير منذ نشأتها في تطوير أسلوب عملها المرتبط أساسا بالبحث عن المشتبه فيهم وتعقبهم وإلقاء القبض عليهم وتقديمهم للعدالة، سواء كان البحث مرتبطا بمسرح الجريمة أو خارجه، وبذلك كان لزاما على مشرع قانون المسطرة الجنائية تمت يع الشرطة القضائية بجملة من الصلاحيات والسلطات لتكنينها من تحقيق التوازن بين حماية المجتمع وحقوق وحريات الأشخاص من جهة ،ولتجاوز الصعوبات والإكراهات التي تعترض عملها من جهة ثانية، و من ثم نجذ أن الإشكالية التي يطرحها الموضوع الذي بين أيدينا.
كيف تمارس الشرطة القضائية سلطاتها و صلاحياتها في مسرح الجريمة، خاصة في ظل الإكراهات و الصعوبات التي تعترضها داخله؟
خامسا: منهجية البحث
تماشيا مع طبيعة الإشكالية وأهداف البحث التي بين أيدينا إرتأينا نهج المنهج التحليلي الوصفي وذلك من الإعتماد على تحليل النصوص القانون ية المؤطرة للموضوع ،فالنسبة للجانب التحليلي يقتضي تحليل والتعليق عليها وبعض مقتضيات النصوص القانونية خاصة في ظل غياب نصوص مؤطرة ومحددة لكيفية الإشتغال والتعامل مع مسرح الجريمة.
أما المنهج الوصفي، هو المنهج الذي قمنا بالإعتماد عليه وذلك لدمج الجانب النظري مع التطبيقي، حيث يتناول بعض التطبيقات القضائية في ثنايا البحث والتي لم يفرد لها فصلا مستقلا حتى يظهر البحث أكثر ترابطا بين الجانبين النظري والتطبيقي .
سادسا: خطة البحث
على أساس ما تم ذكره سنثناول الموضوع إلى فصلين.
نتناول في الأول منه للسلطات والمهام التي يمارسها ضابط الشرطة القضائية داخل مسرح الجريمة، أما الثاني نخصصه لأهم الإكراهات التي تعترض عمل ضابط الشرطة القضائية داخل مسرح الجريمة، إلى جانب أهم القيود التي تحد من سلطاته والتي يجب عليه التقيد به.
الفصل الأول: الشرطة القضائية في مسرح الجريمة، مهام وسلطات.
الفصل الثاني : الشرطة القضائية في مسرح الجريمة، إكراهات و قيود.
---------------------------
لائحة المراجع :
- القرآن الكريم برواية ورش .
- الكتب:
- أحمد الخمليشي، شرح قانون المسطرة الجنائية، الجزء الأول، دار الطباعة الحديثة، الدار البيضاء، سنة 1980.
- أحمد الخمليشي، قانون المسطرة الجنائية، الجزء الثاني، طبعة 1980، مطبعة المعارف المغرب.
- الحبيب البيهي، شرح قانون المسطرة الجنائية الجديدة –الجزء الأول- الطبعة الثانية، دار النشر المغربية الرباط 2006
- حسن الفكهاني، الشرح والتعليق على قانون المسطرة الجنائية المغربي- المدونة القانونية المغربية -تشريع فقه قضاء- الجزء الأول السنة 1993.
- رؤوف عبيد، مبادئ الإجراءات الجنائية، مطبعة الإستقلال الكبرى القاهرة، الطبعة الأولى، السنة 1983.
- سامي النصراوي، أصول المحاكمات الجزائية، الجزء الأول، مطبعة دار السلام، بغداد سنة 1978.
- سامي حسني الحسيني، النظرية العامة لل تفتيش في القانون المصري والمقارن ،دار النهضة العربية القاهرة، سنة 1972.
- عبد الرحمان البكريوي، الوجيز في القانون الإداري، الكتاب الأول، الطبعة الأولى، السنة 1990.
- عبد السلام بنحدو، الوجيز في شرح قانون المسطرة الجنائية المغربية، دار وليلي للنشر، مراكش 1997 بدون طبعة.