الحماية الجنائية للتجارة الإلكترونية في التشريع المغربي

مقال بعنوان: الحماية الجنائية للتجارة الإلكترونية في التشريع المغربي

مقال بعنوان: الحماية الجنائية للتجارة الإلكترونية في التشريع المغربي PDF
عدنان السباعي
من إعداد: عدنان السباعي
باحث في المادة الجنائية وخريج ماستر العلوم الجنائية والدراسات الأمنية 
جامعة عبد المالك السعدي بطنجة


مقدمة:
يتميز العالم اليوم بالديناميكية وسرعة التغير وهذا راجع بالأساس إلى التطورات الحاصلة في مجال التكنولوجيا التي ساهمت بشكل كبير في حدوث تطورات مست جميع الميادين الاجتماعية والسياسية والثقافية و الاقتصادية وأصبح هذا العالم الكبير عبارة عن قرية صغيرة تحكمها الشبكة الإلكترونية.

ولقد ساهمت هذه الثورة العلمية في مجال التقنيات الحديثة في ظهور مفاهيم جديدة لم تكن معروفة، كالمقاولات الإلكترونية، والعقود الإلكترونية، وغيرها من المفاهيم التي تدخل في مجال التجارة الإلكترونية المؤطرة لكل هذه المعاملات الرقمية، ويقصد بها المعاملات التجارية التي تتم باستخدام تكنولوجيا المعلومات وشبكات الاتصال، كما نجد تعريفا آخر لها على المستوى الدولي من قبل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية [OECED] بأنها جميع المعاملات التجارية التي تتم بين الشركات أو الأفراد، وتقوم على أساس التبادل الإلكتروني للبيانات، وكذلك عرفتها منظمة التجارة العالمية بأنها مجموعة من العمليات التي تقوم على أساس عقد الصفقات وتأسيس الروابط التجارية وتوزيع وتسويق وبيع المنتجات عبر الوسائل الإلكترونية.

وبالتالي فإن سيادة النظام الاقتصادي الجديد القائم على العولمة وتحرير تجارة السلع والخدمات وتزامنا مع ظهور ثورة المعلومات وتطوير الاتصالات برزت وتنامت التجارة الإلكترونية بصورة ملحوظة وبشكل متزايد خاصة مع اتساع استخدام الأنترنت الذي يعتبر الدعامة الأساسية للتجارة الإلكترونية والتي أصبحت تعتبر من أهم الأدوات التسويقية التي تحقق العديد من المزايا والفرص وأصبحت من المحاور الرئيسية لإتمام صفقات التجارة الإلكترونية من خلال عرض مختلف أنواع السلع والخدمات والمفاوضات حول جودتها واسعارها.

ولذلك يكتسي موضوعنا هذا أهمية بالغة سواء على المستوى النظري أو العملي فعلى المستوى النظري فيمكن أن نختزله في مدى مواكبة القوانين الوطنية لما استحدث من جرائم في هذا المجال، ومدى استجابة تلك القوانين للمعايير الدولية المعمول بها في هذا المجال، أما على المستوى العملي فأهمية الموضوع تظهر في المشاكل الناجمة عن التطور الذي عرفته التجارة الإلكترونية وما رافق هذا التطور من جرائم تهددها والتي ينبغي على المشرع التدخل من أجل مكافحتها وهو ما حدث بالفعل وسنقوم بعرض تلك القوانين في صلب هذا الموضوع وانطلاقا من كل هذه المعطيات تتبادر إلى الذهن جملة من الإشكالات المرتبطة بهذا الموضوع يمكن إجمالها فيما يلي:

· ماهي المقاربة التي أقرها المشرع الدولي والوطني لحماية صور الاعتداء على نظم التجارة
· الإلكترونية؟ وهل يمكن اعتبار هذه القوانين الجنائية كافية للتصدي لمختلف الجرائم التي تطال المعاملات الإلكترونية؟

وللإجابة على هاته الاشكالات فإننا اعتمدنا على التصميم الآتي:
المبحث الأول: مظاهر الحماية الجنائية للتجارة الإلكترونية
المبحث الثاني: مظاهر الحماية الجنائية للبيانات الشخصية في إطار التجارة الإلكترونية

المبحث الأول: مظاهر الحماية الجنائية للتجارة الإلكترونية

يعيش العالم اليوم ثورة معلوماتية لم يشهدها من قبل وذلك نظرا للتطور الهائل الذي عرفته وسائل التواصل والاتصال، ولعل أبرز مجال تأثر بهذه الثورة المعلوماتية هو المجال التجاري أو الاقتصادي عموما، فمعظم المعاملات التجارية أصبحت تجرى الآن عن بعد فأصبحنا أمام ما يسمى بعولمة المعاملات التجارية فهذه الأخيرة لم تعد تعرف حدودا، وهو ما اقتضي وضع إطار قانوني يحمي هذه المعاملات ويأمنها، لذلك سنخصص الجزء الأول من هذا المبحث للحديث عن التأمين ضد مخاطر الجرائم الالكترونية ذات الطابع التجاري (المطلب الأول)، ثم سنخصص بعد ذلك الجزء الثاني من هذا المبحث للحديث عن الحماية الجنائية للتجارة الالكترونية في إطار جرائم الأموال (المطلب الثاني).

المطلب الأول: التأمين ضد مخاطر الجرائم الالكترونية ذات الطابع التجاري

سنستهل دراسة هذا المطلب بالحديث عن مفهوم التجارة الالكترونية (الفقرة الأولى)، ثم سننتقل بعد ذلك للحديث عن الحماية الجنائية للتجارة الالكترونية (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى مفهوم التجارة الالكترونية

لقد تعددت التعاريف المقدمة لمفهوم التجارة الالكترونية، فلم يتم الاتفاق على تعريف واحد لهذا المفهوم، لذلك سنقتصر في هذا المحور على التعاريف التشريعية والفقهية التي أعطيت للتجارة الالكترونية، فنتحدث بذلك عن التعريف التشريعي لمفهوم التجارة الالكترونية (أولا) ثم سننتقل بعد ذلك للحديث عن التعريف الفقهي للتجارة الالكترونية (ثانيا).

أولا: التعريف التشريعي للتجارة الالكترونية

إن مختلف التشريعات سواء العربية منها أو الغربية لم تقف على تعريف موحد لمفهوم التجارة الإلكترونية، بل منها من لم تعرفها أصلا، ومن التشريعات العربية القليلة التي حاولت إعطاء تعريف للتجارة الالكترونية نجد المشرع التونسي الذي عرفها في الفصل الثاني من قانون المبادلات والتجارة الالكترونية التونسي الصادر في 11 من غشت عام 2000 بأنها تلك العمليات التجارية التي تتم عبر المبادلات الالكترونية، ولقد تولى هذا القانون بنفسه تعريف المبادلات الالكترونية فعرفها بأنها "المبادلات التي تتم باستعمال الوثائق الالكترونية"، فبحسب هذا القانون تعتبر أعمالا تجارية إلكترونية كل بيع أو شراء أو خدمة ما تتم عبر وسائط إلكترونية بعد تفاوض المتعاقدان وصدور قبول وإيجاب بينهما عن بعد والوسيلة الأكثر شيوعا في عصرنا الحاضر للقيام بهاته المبادلات هي "الشبكة العنكبوتية" أو الانترنت كما نجد أن من بين التشريعات العربية الأخرى القليلة التي عمدت إلى تعريف التجارة الالكترونية نجد المشرع الإماراتي، فهذا الأخير عرفها بكونها "مجموع المعاملات التجارية التي تتم بواسطة المراسلات الالكترونية" فهذا القانون الذي يتضمن 39 مادة جاء كنتيجة حتمية لتطور مجال التجارة الإلكترونية فلم يجد المشرع الاماراتي والحالة هذه بدا من وضع إطار قانوني ينظم هذا النوع من المبادلات التجارية وهو ما تجسد في إصداره للقانون الآنف الذكر، وبالرجوع إلى المادة الثانية من هذا القانون التي تضمنت تعريف التجارة الالكترونية، يتضح من خلال هذا التعريف أن التجارة الالكترونية هي كل تعامل تجاري يتم عن بعد عن طريق وسيط إلكتروني، سواء تمثل هذا الوسيط في الوسائل الإلكترونية المتاحة للجميع كالفاكس أو الإنترنت أو غيرها من الوسائل التي تعتمد في التواصل عن بعد، ومن التشريعات العربية أيضا التي تولت تعريف التجارة الالكترونية نجد المشرع المصري حيث عرفها في مشروع قانون التجارة الالكترونية في مادته الأولى بأنها "كل معاملة تجارية تتم عن طريق وسيط إلكتروني"، والملاحظ على هذا التعريف هو أنه لم يحدد وسائل التجارة الالكترونية على سبيل الحصر، وهو أمر إيجابي يحسب لصالح المشرع المصري، ذلك أن وسائل تبادل المعطيات عن بعد المعطيات ذات الطابع التجاري في تطور مستمر.

أما بالنسبة للقانون المغربي فقد اكتفى بالإشارة إلى هذا النوع من المبادلات التجارية في المادة 25 من القانون رقم 831.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك بتعريف ثلاث مفاهيم لها ارتباط وثيق بمجال التبادل الالكتروني بين البائع (المهني) والمشتري (المستهلك) ألا وهي تقنية التواصل عن بعد حيث اعتبرها كل وسيلة تستعمل لإبرام العقد بين المورد والمستهلك بدون حضورهما شخصيا، أما المفهوم الثاني فهو يعتبر أنه كل شخص طبيعي أو معنوي، تابع للقطاع العام أو الخاص يرتكز نشاطه المهني على وضع تقنية أو عدة تقنيات للاتصال عن بعد تحت تصرف المورد، أما المفهوم الأخير الذي أتى المشرع على تعريفه في هذا الفصل فهو مفهوم "التاجر السيبراني" الذي اعتبره كل شخص طبيعي أو معنوي يتصرف في إطار نشاط مهني أو تجاري باستعمال شبكة الأنترنت".

هذا بخصوص بعض التشريعات العربية التي حاولت تحديد مفهوم التجارة الالكترونية، أما بخصوص التشريعات الأوروبية فإنها بدورها أغفلت تعريف هذا المفهوم إلا البعض منها التي حاولت تعريف هذه المؤسسة القانونية، كمشروع قانون التجارة الالكترونية لدولة اللكسمبرغ الذي عرفها في مادته الأولى بأنها كل استعمال لوسيلة من وسائل الاتصال الالكترونية لتجارة السلع والخدمات باستثناء العقود المبرمة بطريق تليفوني شفهي أو باستخدام التصوير.

لكن عموما يمكن القول بأن المؤتمر الأوروبي الصادر في 20 من ماي 1997 المتعلق بحماية المستهلك في العقود المبرمة عن بعد قد كفى التشريعات الأوروبية عناء تحديد مفهوم التجارة الإلكترونية، ذلك أنه - أي المؤتمر - ولو أنه لم يعطي تعريفا جامعا مانعا لمفهوم التجارة الإلكترونية، إلا أنه عرف العقد المبرم عن بعد في مادته الثانية بأنه "أي عقد متعلق بالسلع والخدمات يتم بين مورد ومستهلك من خلال الإطار التنظيمي الخاص بالبيع عن بعد أو تقديم الخدمات التي ينظمها المورد الذي يتم باستخدام واحدة أو أكثر من وسائل الاتصال الإلكترونية حتى إتمام التعاقد، هذا إضافة إلى مجموعة من التشريعات الأنجلوساكسونية التي يبدوا أنها قد تأثرت بهذا التوجه فقررت تعريف التعاقد الإلكتروني ويكفي أن نسوق هنا التعريف الذي أعطاه القانون الخاص بولاية كبيك ( وهي ولاية كندية ) في القسم العشرين منه بأنه - أي العقد الإلكتروني- " تعاقد بين تاجر ومستهلك بدون تواجد مادي بينهما سواء في حالة الإيجاب أو القبول حال كون الإيجاب غير موجه لمستهلك معين".

ثانيا: التعريف الفقهي لمصطلح التجارة الالكترونية

لقد تعددت التعاريف الفقهية المعطاة لمفهوم التجارة الالكترونية، فقد ذهب بعض الفقه إلى اعتبارها تلك العملية التجارية التي تتم بين طرفين بائع ومشتري، وتتمثل في عقود الصفقات وتسويق المنتجات عن طريق استخدام الحاسب الإلكتروني عبر شبكة الأنترنت، وذلك دون حاجة لانتقال الطرفين أو لقائهما، فيتم التوقيع إلكترونيا على العقد.

وقد سار التوجه الفقهي المصري إلى تعريف التجارة الالكترونية باعتبارها تلك المعاملات التي تتم عبر الأنترنت حتى ولو لم تتوفر فيها الصفة التجارية، وإن كان الغالب أن تتصف بهذه الصفة من جانب مقدم السلعة أو الخدمة على الأقل، والذي غالبا ما يكون تاجرا، ويستند هذا التعريف على كون التجارة الالكترونية نوع من أنواع التجارة التقليدية إلا أن ميزتها الأساسية تكمن في كونها تتم بوسيلة إلكترونية، ويرى هذا الفقه أيضا أن العقد الالكتروني أو عقد التجارة الالكترونية أو العقد عبر الأنترنت هو اتفاق يجتمع فيه الإيجاب بالقبول على شبكة دولية مفتوحة للاتصال عن بعد وذلك بوسيلة سمعية أو مرئية بفضل التفاعل بين الموجب والقابل، لكن هذا التعريف تعرض لمجموعة من الانتقادات لعل من أبرزها تضييقه من نطاق الوسائل الإلكترونية المستعملة في تبادل المعطيات الإلكترونية ذات الطابع التجاري بحيث حصرها في شبكة الأنترنت فقط هذا ناهيك عن اختزاله للتجارة الالكترونية في بعدها الدولي وإغفاله كونها ذات بعد محلي أيضا. وبعيدا عن هذه المساجلات الفقهية يمكن القول عموما بأن التجارة الالكترونية، وذلك من وجهة نظر قانونية صرفة بأنها كل تبادل يتم بين موجب غالبا ما يكون مهنيا / تاجرا) وقابل (غالبا ما يكون مستهلكا) بواسطة وسيلة اتصال عن بعد مهما كان نوعها ومهما كان موضوع هذا التبادل سواء كان منصبا على سلع أو خدمات على أن تكون هذه المبادلات مشروعة أي مباحة قانونا غير مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة أو الأخلاق الحميدة كأن يكون موضوع هذه المبادلات بيع أسلحة أو مواد مخدرة ...) وذلك تحت طائلة توقيع العقاب على كل مخالف لذلك.

الفقرة الثانية الحماية الجنائية للتجارة الالكترونية

سنتناول الحديث في هذه الفقرة عن مختلف النصوص ذات الطابع الزجري التي أصدرها المشرع قصد تحصين المعاملات التجارية الالكترونية، فتتحدث بذلك عن الحماية الجنائية للمواقع التجارية الالكترونية (أولا) ثم سننتقل بعد ذلك للحديث عن حماية المستهلك من مختلف الجرائم التي قد يتعرض لها أثناء اقتناءه سلعا أو خدمات عبر الأنترنت، فنتحدث بذلك عن حماية المستهلك من جرائم الدفع الالكتروني (ثانيا).

أولا: الحماية الجنائية للمواقع التجارية الالكترونية

إن تأمين المواقع الالكترونية سيساهم وبلا شك في توسيع نطاق التجارة الالكترونية وتقنية المعلومات، باعتباره أي -التأمين من وسائل المبادلات الالكترونية التي تتماشى ووظيفة الأنشطة التجارية المتسمة بالائتمان والسرعة والمرونة، ولكن هذا التأمين قد لا يكون لوحده كافيا من أجل تحصين المعاملات التجارية الالكترونية، وهنا لا بد من تدخل تشريعي يضمن لتلك المعاملات فاعليتها، وتبعا لذلك ومن أجل تدعيم الثقة القائمة بين التجار فيما بينهم أو مع غيرهم، اقتضى الأمر توفير الحماية الجنائية للتجارة الالكترونية، أي تلك المعاملات التي تتم عبر الشبكة العنكبوتية، وهذا الأمر هو الذي انتبه له المشرع المغربي وذلك نظرا لتفشي ظاهرة الجرائم الالكترونية، التي يذهب ضحيتها يوميا العديد من مرتادي مواقع الانترنت، فمن أجل محاولة الحد من هذه الجرائم - والتي هي في ارتفاع مستمر سن المشرع المغربي مجموعة من القوانين التي تصب في هذا الاتجاه كالقانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات والقانون رقم 09.08 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية وغيرها من القوانين التي تشترك معها في تناول نفس الموضوع ألا وهو حماية مجال المعاملات الالكترونية للأفراد، وبالتالي يمكن القول في ظل هذا الوضع التشريعي أن المقتضيات القانونية المنظمة للتجارة الالكترونية لم تنفرد مدونة واحدة بتنظيمها، بل نظم هذا المجال - أي مجال التجارة الالكترونية في مجموعة من المدونات القانونية المتفرقة، ونجد من ضمن هذه المدونات تلك المتسمة بالطابع الزجري.

وتعتبر اتفاقية بودابست بمثابة أول إطار قانوني دولي نظم الجريمة الإلكترونية بمختلف أشكالها بما فيها تلك الجرائم التي تمس مجال المعاملات التجارية فحددت هذه الاتفاقية مختلف القواعد الإجرائية والموضوعية المنظمة لهذه الجرائم وطرق مكافحتها دوليا ووطنيا، والتي صادق عليها المغرب وأصبح ملزما بتبني بنودها داخل قانونه الوطني، فتجلى ذلك في إصدار المشرع لقانون 07.03 المتعلق بالمس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات المشار إليه سلفا مخصصا له الباب العاشر من الفرع التاسع من القانون الجنائي في الفصول من 607-3 إلى 60-11 منه إلا أن الملاحظ على هذا القانون هو أنه خلا من أي تعريف للجريمة الالكترونية واكتفى بذكر بعض صورها فقط والتي سنتولى استعراضها على الشكل الآتي:

* الدخول إلى مجموع أو بعض نظم المعالجة الآلية للمعطيات عن طريق الاحتيال (الفقرة الأولى من الفصل 360 من القانون الجنائي).
* البقاء في نظام للمعالجة الآلية للمعطيات أو في جزء منه، بعد الدخول إليه عن طريق الخطأ (الفقرة الثانية من نفس الفصل).
* حذف أو تغيير المعطيات المدرجة في نظام للمعالجة الآلية للمعطيات أو اضطراب في سيره (الفقرة الثالثة من نفس الفصل).
* إحداث تغيير في المعطيات المدرجة في نظام للمعالجة الآلية للمعطيات أو حذفها أو اضطراب في سير النظام الفقرة الأخيرة من الفصل 6077-4 من القانون الجنائي)
*تعمد عرقلة سير نظام المعالجة الآلية للمعطيات أو إحداث خلل فيه (الفصل 607-5) وغيرها من صور هذه الجريمة وهي متفرقة في باقي فصول هذا الباب، هذا وقد حدد المشرع في هذا القانون مختلف العقوبات التي قد تطال كل من خرق هذه المقتضيات وهي عقوبات تختلف باختلاف جسامة الفعل المرتكب وهذه العقوبات تتفاوت ما بين عقوبات سالبة للحرية و أخرى مالية.

لكن ما يعاب على هذا القانون هو كونه لم يحط ببعض صور الجرائم الإلكترونية وجعلها خارج دائرة التجريم رغم ما تشكله من خطورة على المعاملات الالكترونية خاصة التجارية منها وحتى إن هي وقعت فلا يحق متابعة مرتكبيها أو معاقبتهم ما دمنا سنصطدم بقاعدة الشرعية الجنائية بشقيها الاجرائية والموضوعية)، وبالتالي تبقى داخلة ضمن دائرة الإباحة كعدم تجريمه للالتقاط بيانات الحاسوب عن طريق ذبذبات الحقل المغناطيسي، حتى ولو كانت البيانات التي قد تكون عرضة للالتقاط مخزنة في ذاكرة الحاسوب أو لم ترسل بعد أو معدة للإرسال، كما أغفل هذا القانون أيضا تجريم ضرب المواقع الالكترونية بالفيروسات التي تخرب البيانات الالكترونية، ولو أنه - أي -القانون أشار إليها باعتبارها صورة من صور عرقلة سير نظام المعالجة الآلية للمعطيات الالكترونية، لكن المنطق القانوني السليم يقتضي جعلها جريمة مستقلة وذلك نظرا للأضرار الخطيرة التي تخلفها.

ثانيا: حماية المستهلك من جرائم الدفع الالكتروني

إن ما تجب الاشارة إليه هو أن مدونة القانون الجنائي لا تتضمن أية مقتضيات خاصة ذات طابع زجري ترمي إلى حماية المستهلك بشكل خاص، بل نجد هذه الحماية في مجموعة من القوانين الخاصة - ولو أن الطابع الزجري يقل فيها حتى يكاد ينعدم التي تتضمن مقتضيات حمائية والتي يأتي على رأسها قانون 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك.

هكذا فمعلوم أن ظهور الأنترنت وشيوع استخدامه في كافة مجالات الحياة أدى إلى بروز عدة ظواهر سلبية من شأنها التشويش على المعاملات التجارية الإلكترونية وضرب مصداقيتها وزعزعة الثقة المفروض توفرها فيها، وأكبر متضرر من ذلك هو المستهلك، ذلك أن هذا الأخير غالبا ما يعمد إلى اقتناء أغراضه من مراكز تجارية إلكترونية، وعليه فإنه يدفع ثمن ما اقتناه الكترونيا عن طريق بطاقة للائتمان وغير خاف أن هذه العملية التي تتم عن بعد محفوفة بمخاطر جمة قد يذهب المستهلك ضحية لها كالسرقة والنصب الالكتروني، خاصة و أنه على المستوى العملي فإن الحماية القانونية لهذه البطائق شبه منعدمة هذا إن لم تنعدم بالمرة، حيث يسهل على محترفي القرصنة الالكترونية إتلاف بياناتها واختراقها وقرصنتها وبالتالي معرفة الرقم السري للبطاقة وهو ما يخولهم الدخول إلى الحساب البنكي المقرصن والاستيلاء على ما به من رصيد مالي بل لقد أكدت التجارب الواقعية أنه كلما تطورت وسائل الأداء الالكتروني إلا وظهرت آفات إجرامية أخرى أكثر خطرا من سابقاتها والتي يذهب المستهلك الالكتروني - ضحية لها كالنصب الالكتروني حيث شاعت هذه الجريمة في الآونة الأخيرة فقد كثر محترفو النصب الذين يحصلون من الضحايا - الذين غالبا ما يكونون مستهلكين على أثمنة منتوجات وهمية يزعمون عرضها عبر تحويلات مالية، ولإسقاط الضحية في الفخ يتم دفعها إلى التنسيق مع بعض الموزعين (الوهميين) قصد التوصل بالبضاعة، لكن ما أن يؤدي الضحية الثمن المتفق عليه زيادة على الثمن المؤدى للشركة المكلفة بالتوصيل حت يكتشف أنه راح ضحية صفقة وهمية ومن أجل محاولة الحد من هذه الجرائم وتجاوز هذا الوضع استحدثت المؤسسات البنكية صورا جديدة للسداد عن بعد مثل النقود الرقمية، حيث يتم تخزين مبلغ إلكتروني على الأسطوانة الصلبة لحاسب المشتري، فتأخذ شكل حافظة للنقود يستخدمها من أجل سداد مشترياته، وفي نفس السياق دائما قامت بعض المؤسسات المكلفة بالقيام بتحويلات بنكية كشركة فيزا أو ماستر كارد بإصدار بطاقات خاصة للاستعمال عن طريق الأنترنت مدفوعة مقدما أو بحد ائتمان بسيط فحتى على فرض تعرض المعلومات السرية الخاصة بالبطاقة للسرقة أو الاستيلاء على ما بها من رصيد مالي فإن الخسائر تكون محدودة.

أما بالنسبة للمشرع فقد حاول إنصاف المستهلك الالكتروني من خلال وضعه لإطار قانوني يوفر له الحماية القانونية من أي حيف أو استغلال قد يتعرض له خلال قيامه بعملية اقتناء سلع أو استفادته من خدمات عن بعد، خاصة وأنه يعد الطرف الضعيف في العلاقات التعاقدية (الإلكترونية) في مواجهة المهني المحيط بخبايا السوق الافتراضية على اعتبار أن التعاقد في المعاملات الإلكترونية يتم عن بعد ولا يكون المنتوج محل العقد بين يدي المستهلك حتى يفحصه ويتعرف على مزاياه ويكتشف عيوبه، وهذا بالتحديد ما نص عليه المشرع في المادة 21 من القانون رقم 39.08 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك على كون أحكام الباب الثاني تطبق على كل شخص طبيعي أو معنوي يمارس نشاطا عن بعد أو يقترح بواسطة إلكترونية توريد منتوج أو سلعة أو تقديم خدمة للمستهلك بواسطة تقنية الاتصال عن بعد، ولعل ما دفع المشرع إلى سن هذا المقتضى وغيره من المقتضيات- هو التطور الذي شهدته المعاملات الإلكترونية والتي أصبح المستهلك أكثر ارتباطا بها من ذي قبل، فأصبح يفضل اقتناء السلع عبر شبكة الأنترنت، وهو ما يقتضي تحسين الروابط بين المورد ( المهني) والمستهلك بهدف استفادة هذا الأخير من أجود السلع والخدمات.

هكذا ألزم هذا القانون في المادة 29 منه المهني بضرورة إعلام المستهلك عن طريق تضمين العرض الالكتروني الذي يتوجه به إلى المستهلك مجموعة من المعطيات وذلك حتى يكون المستهلك على بينة واطلاع على ما هو بصدد اقتنائه وحتى يتسنى له أيضا معرفة المورد الذي هو بصدد التعاقد معه عن بعد، هكذا يجب أن يتوفر هذا العرض لزوما حسب المادة 29 من نفس -القانون على البيانات الآتية:
1. التعريف بالمميزات الأساسية للمنتوج أو السلعة أو الخدمة محل العرض.
2. اسم المورد وتسميته التجارية والمعطيات الهاتفية التي تمكن من التواصل الفعلي وبريده الإلكتروني وعنوانه، وإذا تعلق الأمر بشخص معنوي فمقره الاجتماعي، وإذا تعلق الأمر بغير المورد فعنوان المؤسسة المسؤولة عن العرض.

أما بالنسبة للتاجر السيبراني فإنه ملزم بدوره بالإدلاء للمستهلك بمجموعة من المعطيات التي تعرف به وترفع اللبس والغموض عن شخصه فيتعاقد معها المستهلك وهو مطمئن وهذه المعطيات هي:
* رقم تسجيله في السجل التجاري إذا كان خاضعا -أي التاجر السيبراني- لشكليات القيد في السجل التجاري.
* إدلائه برقم تعريفه الضريبي إذا كان نشاطه خاضعا للتضريب.
* إذا كان نشاطه مرخص له فهو ملزم بالإدلاء برقم الرخصة وتاريخها والسلطة التي سلمت له ذلك الترخيص.
* إذا كان منتميا لمهنة منظمة فهو ملزم بالإدلاء بمرجع القواعد المهنية المطبقة وصفته المهنية والبلد الذي حصل فيه على هذه الصفة، وكذا إسم الهيئة أو التنظيم المهني المسجل فيه.
* أجل التسليم ومصاريفه إذا اقتضى الحال ذلك.
* وجود حق التراجع المنصوص عليه في المادة 36 ، ما عدا في الحالات التي تستثني فيها أحكام هذا الباب ممارسة الحق المذكور.
* كيفيات الأداء أو التسليم أو التنفيذ.
* مدة صلاحية العرض وثمنه أو تعريفته. 7 تكلفة استعمال تقنية الإتصال عن بعد.
* المدة الدنيا للعقد المقترح إن اقتضى الحال عندما يتعلق الأمر بتزويد مستمر أو دوري لمنتوج أو سلعة أو خدمة.

هذا إضافة إلى ضرورة تبليغ هذه المعلومات وأن يتجلى طابعها التجاري دون أي التباس إلى المستهلك حتى يستوعبها و تتضح له الصورة، وذلك بواسطة أي وسيلة إلكترونية للاتصال عن بعد.

ثم ستأتي بعد ذلك المادة 31 لتؤكد هذه المضامين حيث ألزمت على المورد (المهني) إذا تعلق الأمر ببيع عن بعد عن طريق الهاتف أو أية وسيلة اتصال أخرى عن بعد أن يفصح في بداية المحادثة مع المستهلك عن هويته وكذا الغرض التجاري موضوع الاتصال، وفي نفس السياق ألزم هذا القانون في المادة الموالية أي المادة 32 بتبليغ المستهلك كتابة أو بأية وسيلة دائمة أخرى موضوعة رهن تصرفه وفي الوقت المناسب وعلى أبعد تقدير عند تسليم المنتوج أو السلعة المتفق عليها بمجموعة من المعلومات وفي جملتها والتي من ضمنها عنوان المورد إذا أراد المستهلك تقديم شكاية له أو ضده، كما أنه في حالة وقوع نزاع ما بخصوص الإدلاء بهذه المعطيات للمستهلك، فإن عبئ الإثبات يقع دائما على عاتق المورد وكل اتفاق مخالف يقع تحت طائلة البطلان.

لكن ما يلاحظ على هذه المقتضيات ولو أنها ذات طابع حمائي إلا أنها تفتقر إلى المقتضيات الزجرية التي تضمن الحماية اللازمة للمستهلك، وبالتالي فإن أي إخلال من طرف المورد بتلك الالتزامات الملقاة على عاتقه بخصوص إعلام وإخبار المستهلك لا يقع تحت طائلة العقاب وأن أقصى جزاء يمكن أن يطال هذا الاخلال هو البطلان، وهو ما قد يفرغ تلك النصوص من مضامينها الحمائية، فكان حريا على المشرع إضفاء الطابع الزجري عليها بالشكل الذي يضمن تفعيلها على أرض الواقع وبالتالي ضمان الحماية الجنائية لفئة المستهلكين، وذلك على غرار ما فعله في القسم التاسع المتعلق بالعقوبات الزجرية التي قد تطال المورد إن هو خالف مقتضيات المادة 59 المتعلقة بضعف المستهلك أو جهله والتي يمكن أن تصل إلى حد الحكم بعقوبة حبسية تتراوح ما بين الشهر والخمس سنوات أو بغرامة من 1200 إلى 50000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، وإذا كان المخالف شخصا معنويا فإن العقوبة في هذه الحالة تكون مالية محضة بحيث تحدد في غرامة تتراوح ما بين 100000 و 50000 درهم وهذه العقوبات تضمنتها المادة 184 من القانون المشار إليه.

المطلب الثاني: الحماية الجنائية للتجارة الالكترونية في إطار جرائم الأموال

لقد صاحبت الثورة التكنولوجية التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة أصنافا جديدة من الإجرام لم تكن معروفة من قبل، ونقصد بذلك الجرائم المعلوماتية والتي أصبحت تهدد معاملات الأفراد التي تتم عبر الشبكة العنكبوتية، ونظرا لكثرة هذه الجرائم فإننا سنقتصر في هذا المطلب على أهم جريمتين تهددان استقرار المعاملات التي تتم عن بعد ألا وهما جريمتي النصب والسرقة الإلكترونيين، لذلك سنتطرق لجريمة النصب الإلكتروني في الفقرة الأولى ثم سننتقل بعد ذلك للحديث عن جريمة السرقة المعلوماتية في (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: جريمة النصب الإلكتروني

سنتناول هذه الجريمة من خلال دراسة محلها (أولا) ثم سنتناول بعد ذلك النشاط المادي لهذه الجريمة (ثانيا).

أولا: محل جريمة النصب الإلكتروني

بالرجوع إلى مدونة القانون الجنائي نجدها تنص في الفقرة الأولى من الفصل 540 من القانون الجنائي على ما يلي "يعد مرتكبا لجريمة النصب ويعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من خمسمائة إلى خمسة آلاف درهم من استعمل الاحتيال ليوقع شخصا في الغلط بتأكيدات خادعة أو إخفاء وقائع صحيحة أو استغلال ماكر لخطأ وقع فيه غيره ويدفعه بذلك إلى أعمال تمس مصالحه أو مصالح الغير المالية بقصد الحصول على منفعة مالية له أو لشخص آخر"، فهذه الفقرة توضح لنا صور جريمة النصب بصفة عامة وهي تأخذ عموما صورتين إحداهما إيجابية والأخرى سلبية فالإيجابية منها تتلخص في إتيان الفاعل لمجموعة من الأفعال والتصرفات ذات الطابع الاحتيالي والتي تتجلى في إدلائه للمجني عليه بتأكيدات خادعة بشكل يوقع غلطا في ذهنه فتتضح له الأمور تحت تأثير الاحتيال الذي مورس عليه على غير حقيقتها، أما الصورة السلبية فتتجلى في امتناع الفاعل عن الإدلاء بوقائع ذات أهمية بالنسبة للمجني عليه، فيخفيها عنه ويمتنع عن تنويره بها بشكل يجعله جاهلا بتلك الوقائع رغم ما تنطوي عليه من أهمية، وتكون النتيجة المتوخاة من ذلك (في كلتا الصورتين هو الحصول على منافع مالية سواء لمصلحة الفاعل أو لغيره، وفي هذا الصدد نجد أيضا الفصل 538 من القانون الجنائي يسير في نفس الاتجاه ألا وهو ابتزاز الضحية واستدراجها بغية الحصول على منافع مالية، ولو أن هذا الفصل يتناول صور أخرى لهذا الابتزاز وهي التهديد بدل الاحتيال الذي تناوله الفصل السابق فجاء في هذا الفصل ما يلي " من حصل على مبلغ من المال أو الأوراق المالية أو على توقيع أو تسليم ورقة مما أشير إليه في الفصل السابق، وكان ذلك بواسطة التهديد بإفشاء أو نسبة أمور شائنة، سواء كان التهديد شفويا أو كتابيا يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين إلى ألفي درهم " ، وعموما فمختلف نصوص القانون الجنائي المجرمة للنصب تكاد تجمع على كون محل الجريمة عبارة عن مال مادي منقول، ذلك أن الفاعل بعد احتياله على الضحية عن طريق إحدى طرق الاحتيال المذكورة أعلاه غالبا ما يعمد إلى تهديد ضحيته بإفشاء أمور شائنة إن هي قررت التبليغ عنه، والمستجد في هذه الحالة هو كون هذا التهديد أصبح يأخذ أبعادا أخرى ذلك أن الجاني أو الجناة غالبا ما يهددون الضحية بنشر أسرارها الشخصية والتشهير بها على مواقع التواصل الاجتماعي فيطلع عليها العموم وهذا ما يستفاد على أية حال من عموم الألفاظ الواردة في النصوص المجرمة للنصب مادام أن المشرع اكتفى في جميع الأحوال بحصول النتيجة الإجرامية بعد تهديد الضحية مهما كان هذا التهديد وبأي وسيلة استعمل، فالمهم في جميع الأحوال هو حمل الضحية على دفع مبالغ مالية للجاني حتى يكف أذاه عنها.

وعموما فجريمة النصب الإلكتروني بحسب هذه النصوص تتمحور حول الاستيلاء على أموال الضحية عن طريق إيهامها بوقائع كاذبة من أجل الاستيلاء على أموالها، فمحل هذه الجريمة يكون دائما هو أموال الضحية ونقصد على وجه التحديد أموالها المنقولة، أي أن هذا المال يجب أن يكون عائدا للضحية أو للغير وقابل للتسليم، وتبعا لذلك يخرج من دائرة التجريم الأشياء الغير قابلة للتسليم كالأشخاص أو الأفكار أو القدرات الفكرية أو شواهد معينة، كما يمكن أن يشمل النصب الحقوق غير المادية كالسندات والرسوم العقارية أو إبراء دين أو حقا عقاريا كالارتفاقات العقارية أو حقوقا مالية كالشفعة كما تصلح الأموال غير المادية لأن تكون محلا لهذه الجريمة كاستعمال وسائل احتيالية من أجل الاستحواذ على الغاز أو الكهرباء أو الحرارة أو البرودة الاصطناعية مثلا كالغش في آلة التوزيع والتعداد، لكن ما يلاحظ هو إغفال المشرع في ظل مدونة القانون الجنائي إدراج تعريف لجريمة النصب الإلكتروني فلم يتناولها بالتجريم والعقاب بمقتضى نص صريح في صورتها المستحدثة وهو ما يدفعنا إلى إدخالها ضمن إحدى صور المس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات التي تناولها الباب العاشر من القانون الجنائي والذي سبقت الإشارة إليه كما أن جريمة النصب الإلكتروني قد يكون محلها عبارة عن خدمات، فقد يوهم الجاني المجني عليه بتقديم خدمة له عن طريق عرض خدمات عليه عبر حسابه الالكتروني هي غير موجودة أصلا أي خدمات وهمية استعملها الجاني كوسيلة من أجل الاحتيال على المجني عليه بغية سلبه أمواله، كما تصلح مختلف الالتزامات والإعفاءات التي يتفق عليها الأفراد بشكل رضائي أن تكون محلا لجريمة النصب الإلكتروني، فيمكن القول على أن محل جريمة النصب الالكتروني قد يتجلى في أحد عقود البيع أو القرض وغيرها من العقود التي تتم عن بعد ما دام أنه قد تم حمل الضحية على التعاقد نتيجة غلط أوقعه الجاني في ذهنها فبين لها الوقائع على غير حقيقتها، وبالتالي فالعبرة دائما لقيام هذه الجريمة هو كون التعاقد جاء كنتيجة حتمية لاحتيال الجاني على الضحية.

ثانيا: النشاط المادي لجريمة النصب الالكتروني

يتمثل النشاط المادي لجريمة النصب في كل نشاط إيجابي أو سلبي أتاه الجاني بغية حمل المجني عليه على تسليمه نقودا أو أموالا عن طريق استعماله لوسائل إحتيالية، إذن فالعبرة لقيام ماديات هذه الجريمة بالخداع الذي وقع على الضحية بإحدى وسائل التدليس والاحتيال المحددة قانونا (الفصل 540 من القانون الجنائي)، وإذا أردنا تطبيق هذه المقتضيات على التجارة الإلكترونية، فإنها تجد تطبيقا لها بالنسبة لكل العروض التجارية الوهمية المنشورة من طرف محتالين في مواقعهم الإلكترونية، كالحالة التي يقدم فيها الجاني أو الجناة على استعمال وسائل احتيالية يوهم من خلالها مرتادي المواقع الإلكترونية بأنه طبيب مختص في علاج أمراض معينة ويدعي امتلاكه لمصحة خاصة يقدم فيها خدمات طبية للزبناء، وأن الأداء سيتم عن طريق تحويل مالي يؤدى من طرف المستهلك (طالب الخدمة) قبل تقديم الخدمة، فهذه الوسيلة الاحتيالية المدعمة بدعاية كاذبة على الأنترنت قد تحمل العديد من مرتادي هذه المواقع على تصديقه وبالتالي الوقوع ضحية لهذا الفخ المنصوب على المواقع الالكترونية، ففي مثالنا قد يصدق المجني عليه صاحب الإعلان معتقدا فعلا أنه طبيب يعرض سلعته على العموم وأنه طبيب بالفعل سيقدم له علاجا للمرض الذي يشكو منه والحال أنه لا يعدو أن يكون مجرد محتال غايته الحصول على الأموال بطرق سهلة واحتيالية مقابل عرضه لخدمات لا وجود لها على أرض الواقع، فإذا ما أرسل له المجني عليه الأموال عبر تحويل الكتروني، فإن جريمة النصب الإلكتروني تكون قائمة ومكتملة الأركان ما دام أن ذلك الخداع والتدليس الذي مارسه الجاني على المجني عليه حمله على الاعتقاد بصحة ما يدعيه، فأوقع في ذهنه غلطا بحيث أظهر له الوقائع على غير حقيقتها، حيث قدم له أموالا بغية الحصول على سلع أو خدمات لا وجود لها على أرض الواقع. هذا وإذا كان المشرع عندنا لم يجرم النصب الإلكتروني بنصوص صريحة، بل بقيت جريمة النصب الإلكتروني خاضعة لجريمة النصب في صورتها التقليدية كما هي محددة في الفصل 540 من القانون الجنائي، فإن بعض التشريعات جرمت النصب الإلكتروني بنصوص صريحة كالتشريعات الأنجلوساكسونية التي يأتي على رأسها التشريع الجنائي الإنجليزي لعام 1978 حيث نص في مادته 16 على معاقبة كل من حصل بطريقة غير مشروعة وبأية وسيلة خداع سواء لنفسه أو للغير على منفعة مادية، فصيغة العموم التي جاء بها هذا الفصل تجعله متسعا ليستوعب كل الوسائل المستعملة من طرف الجاني من أجل خداع المجني عليه قصد الحصول على منافع مادية بما فيها ذلك الخداع الذي يتم عن بعد، بل وأمام اتساع رقعة النصب الإلكتروني اضطر المشرع الإنجليزي إلى التدخل وتعديل هذا النص ليجعل بنص صريح الخداع عبر "الآلة من قبيل الاحتيال، ونفس التوجه تقريبا سلكه التشريع الكندي وزاد عليه حينما أعطى مفهوما موسعا للاحتيال من خلال معالجته للنصب المعلوماتي في المادتين 387 و 388 من قانون العقوبات الكندي كما تبنت بعض القوانين في الولايات المتحدة الأمريكية نفس هذا التوجه حيث عاقبت على الاستعمال غير المشروع للحاسب الالكتروني بهدف ارتكاب أفعال العش والاعتداء.

الفقرة الثانية: جريمة السرقة المعلوماتية

سنتناول هذه الجريمة من خلال دراستنا لمحل هذه الجريمة (أولا) ثم سننتقل بعد ذلك إلى تحديد النشاط المادي لهذه الجريمة (ثانيا).

أولا: محل جريمة السرقة المعلوماتية

يذهب معظم الفقه والقضاء وحتى القوانين إلى اعتبار المال موضوع السرقة يجب أن يكون ماديا حت يسهل اختلاسه أي ضرورة أن يكون لهذا المال وجود مادي ملموس على أرض الواقع وذلك تماشيا مع طبائع الأشياء، فالاختلاس باعتباره صورة من صور السرقة يفترض لقيامه الاستيلاء على الحيازة كاملة، وهو بداهة يستحيل كأصل أن يقع على أشياء معنوية، بل لا بد أن تكون لهذه الأشياء وجود مادي على أرض الواقع أي لها كيان مادي مستقل من العالم الخارجي، فيكون لها والحالة هذه عرض وسمك هذا دون النظر إلى حجامها أو وزانها.

إلا أن هذا التوجه - أي التوجه -التقليدي سرعان ما سيتم التراجع عنه وعدم الأخذ به على إطلاقه، ذلك أن التطور التكنولوجي وما رافقه من إجرام حديث حتم إعادة النظر في هذا التوجه لأن الأخذ به على إطلاقه من شأنه أن يجعل مجموعة من الأفعال الاجرامية خارج لائحة التجريم، وتبعا لذلك بدأ الاهتمام بسرقة الأشياء المعنوية التي أصبحت قيمتها في بعض الأحيان تفوق قيمة بعض الأموال المادية، وهذا التوجه الفقهي يجد له صدى في بعض الدول العربية فعلى سبيل المثال نجد الاجتهاد القضائي المصري من خلال إحدى قرارات محكمة النقض المصرية ذهبت إلى القول بإمكانية اختلاس التيار الكهربائي وخط الهاتف معتمدة في ذلك على عدم تحديد المشرع المصري لطبيعة الشيء محل السرقة بدقة، فاعتبرت بذلك أن الشروط اللازم توفرها في المال المنقول متوفرة في الكهرباء، من إمكانية تملكه وحيازته ونقله.

كما أن هذا التوجه نجده متبعا من طرف العديد من التشريعات الأخرى العربية والغربية كالتشريع الإنجليزي والإيطالي والألماني واللبناني، وأيضا التشريع الفرنسي والتي تسير كلها في اتجاه معاقبة سارق الطاقة كما نجد في هذا الصدد أيضا التشريع الجنائي الجزائري جرم في مادته 2/350 اختلاس الكهرباء، أما بالنسبة للقانون الجنائي المغربي فقد اعتبر في الفصل 505 كل من اختلس عمدا مالا مملوكا للغير يعد سارقا، ويعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات"، فهذا الفصل وضع تعريفا للسرقة في صورتها البسيطة محددا ركنها المادي وهو حسب هذا الفصل يتمثل في اختلاس الجاني لمال الغير وعلة اشتراط المشرع في المال المسروق أن يكون ملكا للغير هو كون السرقة تشكل في جوهرها اعتداء على ملكية الغير، وقد استهدف المشرع من وراء تجريم أخذ المال المملوك للغير بدون رضاه حماية ملكية الأفراد من أي اعتداء قد يطالها وهذا ما يستفاد على أية حال من الفصل 505 من القانون الجنائي موضوع التحليل، وتبعا لذلك إذا دفع المتهم أثناء محاكمته بتهمة السرقة بكون المال المشكل لمحل السرقة يدخل في ملكيته أي ملكية السارق، يتعين على محكمة الموضوع إيقاف الفصل في دعوى السرقة حتى تفصل في ملكية المال المتنازع حوله مراعية في ذلك طرق الإثبات المدني، فإذا ثبتت ملكية المال للمتهم تعين على المحكمة تبرأة هذا الأخير، أما إذا ثبت لها العكس بكون المال يعود لغيره اعتبر سارقا ولو كانت له حقوق على ذلك المال المنقول قبل مالك المنقول المختلس. والسؤال المطروح في هذا الصدد هو هل يمكن تطبيق مقتضيات الفصل 505 من القانون الجنائي على جريمة السرقة المعلوماتية؟

بالاطلاع على التجارب المقارنة وخاصة القانون الفرنسي نجد المادة 2/311 من القانون الجنائي الفرنسي على أن اختلاس الطاقة - وهي مال -معنوي إضرارا بالغير يعد سرقة، ومحل السرقة في القانون الفرنسي يدخل في نطاقه المنقولات والأشياء – بمفهومها الواسع -، لكن رغم ذلك فالمستقر عليه في فرنسا فقها وقضاء هو أن محل السرقة يجب أن يكون له طابع مادي، فالأفكار مثلا تعتبر أشياء معنوية وإذا ما كانت موضوعا للسرقة فيجب أن تكون هذه الأفكار مضمنة في أشياء مادية حتى تسهل عملية اختلاسها، كأن تكون هذه الأفكار مضمنة في كتب ورقية) أو الكترونية) أو عبارة عن محاضرات مضمنة في تسجيلات صوتية أو مرئية ... كما يرى جانب آخر من الفقه الفرنسي في معرض تحليله للجرائم الإلكترونية أن المعلومات يمكن أن تكون بدورها محلا للسرقة إذا ما تم نقلها من ذمة مالية إلى أخرى عن بعد، علما أن هذه المعلومات محمية قانونا بالنصوص الخاصة بالملكية الأدبية والفنية.

ويبدوا أن موقف القانون الفرنسي القائل بضرورة كون المال المختلس ذو طبيعة مادية هو الذي سار عليه مشرعنا، وهذا ما يستفاد من النصوص المنظمة لجريمة السرقة فكل المواد التي تتحدث عن الأموال التي تشكل محلا لهذه الجريمة كلها أموال ذات طابع مادي كالحقول والمحاصيل الزراعية ... كما أننا نجده في الفصل 521 قد جرم "سرقة القوى الكهربائية أو أي قوى ذات قيمة اقتصادية" فهذا الفصل اقتبس من المادة 311 من القانون الجنائي الفرنسي والتي أشرنا إليها سلفا، ومعلوم أن الطاقة الكهربائية ولو أنها تشكل أموالا منقولة معنوية إلا أن الطابع المادي يغلب عليها إذ هي تكون مخزنة في الآلات المولدة للطاقة الكهربائية كما أنها لا يمكن أن تنتقل إلا عن طريق خيوط كهربائية، وارتباطا بموضوعنا هذا الذي هو محل السرقة المعلوماتية يمكن القول على أن القانون الجنائي المغربي لم يحدد بدقة محل جريمة السرقة المعلوماتية، ذلك أن محل هذه الجريمة يرتبط أيما ارتباط بالمستجدات الإلكترونية من وسائل تكنولوجية، جاءت كنتيجة حتمية للتطور العلمي والتقني الذي شهده عصر المعلوميات وبداهة هذه الأمور لم تكن معروفة عند وضع مدونة القانون الجنائي سنة 1962، وبالتالي فإن النص الحالي – التقليدي- لا يكفي لوحده من أجل مكافحة هذه الجرائم فهو لا يرسم معالمها بدقة، لذلك يستحيل في ظل هذا الوضع إعطاء تفسير واسع لمفهوم المال محل جريمة السرقة لأننا سنكون في مواجهة القاعدة الشهيرة التي يقوم عليها القانون الجنائي ألا وهي التفسير الضيق للنصوص العائدة للتجريم والعقاب، فلا يمكن والحالة هذه إدخال الأموال المعلوماتية ضمن الأموال محل السرقة، ولو أن المشرع قد حاول تجاوز هذه الثغرة من خلال وضعه للباب العاشر المتعلق بالمس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات، إذن فمن أجل تجاوز هذا الفراغ يتوجب على المشرع التدخل من خلال تجريمه لكل الأفعال الماسة بالحقوق المعنوية والحقوق المجاورة المرتبطة ببرامج الحاسوب وقواعد المعطيات الآلية، هذا بخصوص محل جريمة السرقة المعلوماتية فماذا عن النشاط المادي لهذه الجريمة؟

ثانيا: النشاط المادي لجريمة السرقة المعلوماتية

النشاط المادي لجريمة السرقة حسب الفصل 505 من القانون الجنائي المغربي هو كل فعل يأتيه الجاني يشكل فعل اختلاس يقع على مال مملوك للغير، ففعل الاختلاس هو العنصر الأساسي الذي يقوم عليه البنيان القانوني للجريمة، فيأخذ السارق المال من الغير ويظهر عليه بمظهر المالك له وبالتالي يفترض الأمر انتقال حيازة المال المنقول من المجني عليه إلى الجاني فيسلبه بالتالي حيازته لذلك الشيء محل الاختلاس وانتقال تلك الحيازة إلى الجاني والحيازة بهذا المعنى تقضي بظهور الجاني بمظهر المالك الحقيقي للمال الذي اختلسه وارتباطا بموضوعنا - أي السرقة الإلكترونية يرى جانب من الفقه المصري أنه يمكن تطبيق المبادئ العامة للسرقة على الجرائم المعلوماتية، وذلك من خلال البحث عن قصد المشرع من تجريم السرقة، ذلك أن اختلاس المال المعنوي يعد بدوره سرقة، فهذا التوجه يسير في اتجاه إمكانية انتقال المعلومات أو البرامج من جهاز إلى آخر وذلك بعد اختلاس تلك المعلومات أو البرامج عن طريق نشاط مادي يتجلى في نقل تلك المعلومات من الغير ووضعها على دعامة مادية أو إذاعتها، لأن هذا النشاط هو الذي يتم به انتقال المعلومات ويقوم به فعل الاختلاس.

وعليه يعتبر مرتكبا لفعل الاختلاس الذي تقوم به جريمة السرقة المعلوماتية الشخص الذي يستعمل بيانات غير حقيقية أو يعدل في البيانات الصحيحة المتعلقة بمعاملة تجارية عبر الأنترنت ليستولي على الأموال التي قام أحد المستهلكين بتحويلها لأحد موردي البضائع أو الخدمات وذلك بإضافة تلك الأموال لحسابه الشخصي أو لحساب آخر فجريمة السرقة المعلوماتية قائمة في هذه الحالة مادام أن الجاني أخرج الأموال من ذمة المجني عليه وزاد بها العناصر الإيجابية لذمته المالية، ونحو ذلك أيضا سرقة أحدهم لإحدى التحويلات البنكية التي يقوم بها أحد زبناء إحدى المؤسسات البنكية عن بعد، فتكون هذه الجريمة قائمة في حق الجاني ما دام أنه أتى فعلا اختلس به أموال ذلك الزبون.

وبالرجوع إلى قانون 07/03 المتعلق بالمس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات يمكن القول على أن النصب الإلكتروني يدخل ضمن أوجه الانتهاكات المتعلقة بهذا النظام، وبما أن لكل جريمة عناصرها التكوينية بانتفاء إحداها يرتفع عنها الطابع الإجرامي، فإن العنصر المادي لمختلف الجرائم الماسة بنظم المعالجة الآلية للمعطيات تنصب أساسا على حماية نظم وبرامج معلوماتية أي كل ما له علاقة بالذاكرة الحية والميتة للكمبيوتر، البطاقة الأم، القرص الصلب وهذه العناصر هي المحمية قانونا، وبالتالي فحسب هذا القانون فالدخول إلى النظام المعلوماتي للغير أو البقاء فيه بشكل غير مصرح به أو إحداث تغييرات أو الإتلاف أم السرقة باختراق نظام الأمن المعلوماتي، أما غير هذه الأفعال فتخرج من لائحة التجريم مما يخول للجناة فرصة الإفلات من العقاب، وهو ما يجعل النصوص الجنائية المرتبطة بالجريمة الإلكتروني قاصرة عن توفير الحماية الجنائية للأفراد.

المبحث الثاني: مظاهر الحماية الجنائية للبيانات الشخصية في إطار التجارة الإلكترونية

سنتناول في هذا المبحث تمظهرات الحماية الجنائية للتجارة الالكترونية في القانون الجنائي المغربي والقوانين الجنائية الخاصة (مطلب أول) على أن نقوم بدراسة الإثبات في الجرائم الإلكترونية (مطلب ثاني).

المطلب الأول : تمظهرات الحماية الجنائية للتجارة الالكترونية في القانون الجنائي المغربي والقوانين الجنائية الخاصة

من أجل توفير حماية فعالة لمختلف المعاملات الالكترونية أقر القانون الجنائي المغربي مجموعة من المقتضيات الزجرية في هذا الشأن سواء على مستوي القانون الجنائي ( فقرة أولى )، أو من خلال بعض القوانين الجنائية الخاصة (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الحماية المقررة في القانون الجنائي المغربي

سنتحدث في هذه الفقرة عن الحماية الجنائية المقررة للمحررات الإلكترونية من خلال حديثنا عن تجريم التزوير الإلكتروني (أولا)، ثم سننتقل بعد ذلك إلى الحديث عن الحماية المقررة بمقتضى القانون المتعلق بالإخلال بسير نظام المعالجة الآلية للمعطيات (ثانيا).

أولا : تجريم التزوير الإلكتروني

وفر القانون الجنائي المغربي حماية للمعاملات الالكترونية على مستوى جريمة التزوير المعلوماتي سواء كان هذا الأخير ماديا أو معنويا .

فالتزوير المادي: يكون عن طريق التدخل من خلال النظام المعلوماتي وذلك بتغيير المحررات عن طريق الحذف بإزالة كلمة أو رقم أو رمز معين ، أو عن طريق الإضافة بزيادة رقم على مبلغ معين ، أو بإضافة عبارات أو بيانات غير صحيحة، أو بخلق محرر لم يكن له وجود من قبل ونسبته كذبا إلى غير مصدره.

وقد يقع معنويا وذلك بتسجيل بيانات لم تصدر عن المتعاقدين أو إثبات و قانع كاذبة أو غير معترف بها ، أو إغفال معلومة أو إيرادها على وجه غير صحيح.

ويقصد بالتزوير المادي تغيير الحقيقة إما في محرر قائم فعلا وذلك عن طريق حذف بعض البنود منه كالمحو مثلا أو تعديل بعض هذه البنود منه ، كأن يضاف حرف الألف الواو ليصبح الحكم في تصرف ما على سبيل الخيار بعد أن كان على سبيل البت، ونحو ذلك أن ينقلب حرفه العطف 《 و 》 إلى 《 أو》 بزيادة كتابة لمحرر لا يتضمن هذه الزيادة ابتداء، كما يعتبر ماديا بالأحرى خلق محرر لم يكن موجوداً من قبل بالمرة ونسبة ما جاء به إلى الغير.

والمشرع المغربي نص على طرق التزوير المادي في الفصلين 332 و 334 من القانون الجنائي على سبيل الحصر وذلك على الشكل الآتي:

وضع إمضاءات أو أختام أو بصمات مزورة ؛ وذلك بأن ينسب المحرر الزور إلى شخص لم يصدر عنه، ذلك أن ظهور إمضاء شخص أو ختمه في محرر يعني أن ما يتضمنه قد صدر عنه، إذ الإمضاء وما في حكمه هو رمز الشخصية ودليلها، ويكون الإمضاء مزورا متى وضع الجاني إمضاء شخص آخر في المحرر أو بتعبير آخر إمضاء ليس له في المحرر، ويكفي في ذلك وضع الامضاء ولا يتطلب تقليده.

ووضع إمضاءات قد تكون في محرر رسمي أو عرفي ومجرد تصحيح الإمضاء والمصادقة عليه من طرف السلطات المختصة ، لا يجعل المحرر العرفي يرقي إلى درجة المحرر الرسمي أو العمومي وبالتالي لا تطبق عليه بتاتا مقتضيات الفصل 354 من القانون الجنائي فمن المعلوم أن جهاز الحاسب الآلي أيا كان الموقع وأيا كانت المنظمة الادارية التي يستعمل فيها يتلقى بيانات يغدي عليها نظامه المعلوماتي، وهي المدخلات وهذه الأخيرة تعكس العمليات والأنشطة التي تجري داخل المنظمة الإدارية سواء كانت مؤسسة صناعية أو شركة تجارية أو وزارة، وهذه البيانات والمعلومات تتعلق بطبيعة أو نشاط الجهة كعدد العملاء المتعاملين معها وأصناف البضاعة وأسعارها، أو نشاط الوزارة، والخطط التي تنفذها، وهذه المدخلات يقابلها ما يسمى بالمخرجات وهي المعلومات الناتجة عن النظام المعلوماتي للحاسب الآلي، وهي امور تحتاجها المنظمة أو الجهة كي تصدر قرارها في الوقت المناسب، وما بين عملية الادخال والاخراج يقوم الحاسب الآلي بعملية تحديد البيانات ومعالجتها للوصول إلى المخرجات التي تحتاجها الإدارة ..

تغيير المحرر أو الكتابة أو التوقيع أو زيادة كلمات؛ والمقصود منه هو كل تعديل مادي يدخله الجاني على المحرر بعد الانتهاء من تدوينه، سواء اتخذ صورة إضافة كلمة أو عبارة أو رقم أو توقيع أو حذف شيء من ذلك أو استبداله بغيره، كزيادة رقم أو ملئ فراغات متروكة على بياض كما في حالة وضع عبارات《تمت الإجراءات الجمركية في كشف الجمركي ، أو عن طريق الحذف بإزالة كلمة أو الرقم أو بالمحو أو الشطب أو الطمس أو بقطع جزء من المحرر من شأنه أن يغير مضمون المحرر إما بتمزيق المحرر كله أو جزء منه أو حذفه بعد إتلاف السند.

ويفترض التغيير بالاستبدال وذلك بحذف شيء في الكتابة الثابتة بالمحرر مثل طمس الإمضاءات ووضع الأختام بدلا منها حتى يمنع عن مضاهاة الإمضاءات على ورقة أخرى، ومثال ذلك في المجال المعلوماتي استبدال رقم القيد الخاص به برقم القيد لأحد زملائه .

وضع أسماء وصور أشخاص آخرين مزورة؛ ويتحقق التزوير المادي بهذه الطريقة بقيام الجاني بانتحال أو استبدال شخصيته بشخصية الغير، ويكون انتحال شخصية حين يتسمى باسم شخص آخر سواء كان هذا الشخص وجوده حقيقة في الواقع أم لا وذلك بأن يوقع على محرر بالاسم الذي انتحله أو يتقدم إلى المحكمة ويدعي أنه المدعي ليقر بالتصالح مع المدعي عليه أو ترك الخصومة، أو يتقدم بديلا عن آخر ليؤدي الخدمة العسكرية عنه أو عقوبة بدنية بدلا عنه.

وتتشابه هذه الطريقة مع طريقة وضع أسماء أشخاص آخرين مزورة وفي الحالتين يتحقق انتحال الشخصية أو استبدالها .

ويمكن تصور وقوع التزوير المعلوماتي للصورة عن طريق جهاز الحاسب الآلي والأجهزة المساعدة له منها SCANNER وذلك عن طريق رسم الصورة ضوئيا ونقلها إلى جهاز الحاسب الآلي، أو إدخالها على بيانات مخزنة في ذاكرة الحاسب الآلي نفسه وعرضها على الشاشة دون طباعة ورقية، لاسيما أن التزوير المعلوماتي لا يتطلب المستند الورقي المكتوب أو الطبوع، ذلك أن مخرجات الحاسب الآلي والتي يظهر فيها التزوير المعلوماتي لا تكون ورقة .

اصطناع وثيقة مزورة؛ الصنع والاصطناع هو خلق كتب او محرر بأكمله ونعينه المحرر آخر، أو أن الاصطناع هو إنشاء المحرر بكامل أجزائه على غرار أصل موجود أو خلق محرر على غير مثال سابق.

والسؤال يبقى قائما في صورة منع أو اصطناع وثيقة الكترونية دون تغيير المعلومات أو البيانات المضمنة بها، فهل يعد هذا الأمر داخلا في مجال التزوير الالكتروني؟

إن الجواب على هذا السؤال يكون بالإيجاب إذا ما توفرت بعض الشروط الأخرى، كذلك يمكن اعتبار هذا الفعل من قبيل التدليس كما ذهب إلى ذلك بعض الفقهاء الذين اعتبروا أن مجرد إدخال الرمز السري يعد من باب التدليس في الإمضاء.

أما التزوير المعنوي فيقع بثلاث طرق وهي:
وتغتني إقرار أولي الشأن؛ في هذه الحالة يعهد إلى شخص بتدوين البيانات التي يطلب أصحاب الشأن إثباتها فيغير الحقيقة فيها، وقد يقع ذلك في محرر رسمي، وهنا يكون الفاعل موظف، ويمكن وقوع هذا التزوير في النطاق المعلوماتي كما لو كان الموظف هو الذي يدون البيانات على الحاسب أو يكتب ما عليه لصاحب الشأن وهو بذلك يكتب أشياء أخرى، وقد يقع ذلك أيضا في محرر عرفي كما يحدث في نطاق الترجمة لمحرر عرفي ويمكن أن يقع ذلك أيضا في النطاق المعلوماتي على مستخرجات الحاسب الآلي.

جعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة : ويراد بها تعزيز واقعة في محرر وقت إنشائه على غير الحقيقة وقد يقع ذلك في محرر رسمي كالصورة السابقة، وقد يقع أيضا في محرر رسمي من غير موظف متى قرر ما يخالف الحقيقة، وفي هذه الحالة يكون غير الموظف شريكا ولو كان الموظف حسن النية ولم يعاقب.

جعل واقعة غير معترف بها في صورة واقعة معترف بها : وتتمثل هذه الصورة في كون الفاعل يثبت واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة، كما لو قام محرر المحضر بإثبات اعتراف المتهم بارتكاب الجريمة وهو لم يعترف بها.

ثانيا: الحماية المقررة بمقتضى القانون المتعلق بالإخلال بسير نظام المعالجة الآلية للمعطيات

يحتوي هذا الباب من القانون الجنائي على تسعة فصول تبتدأ من الفصل 1_607 وتنتهي بالفصل 11_607 من مجموعة القانون الجنائي المغربي حيث وضعت هذه الفصول الإطار القانوني الخاص بتجريم الأفعال التي تعتبر جرائم ضد نظم المعالجة الآلية للمعطيات بعد الدخول خطأ إليه مع تشديد العقوبة عندما ينتج عن ذلك حذف أو تغيير أو اضطراب في المعطيات المدرجة في النظام المذكور، وهذا ما أكده الفصل 4-607 من القانون الجنائي، كما يعاقب أيضا وطبقا للفصل 5-607 كل من عرقل عمدا سير نظام المعالجة الآلية أو أحدث فيه خللا.

في حين نص الفصل 4-607على معاقبة كل من دخل إلى مجموع أو بعض نظم المعالجة الألية، عن طريق الاحتيال، يفترض أنها تتضمن معلومات تخص الأمن الداخلي أو الخارجي للدولة أو تهم الاقتصاد الوطني، وشدد العقوبة في حق الموظفين أو المستخدمين الذين يرون هذا العمل وكذلك في حق الأشخاص الذين يترتب عن دخولهم بواسطة الاحتيال للأنظمة المشار اليها حذف أو اضطراب في سير النظام أو تغيير المعطيات المدرجة فيه.

كما فرض الفصل 7-607 عقوبات على تزوير وتزييف وثائق المعلوميات لمن يستعمل وثائق معلوماتية وهو يعلم أنها مزيفة أو مزورة.
وفيما يخص المحاولة أو الشروع في الجرائم الواردة في هذا القانون، نجد أن المشرع قد نص صراحة على أن المحاولة تعاقب بنفس عقوبة الجريمة التامة كما يبدو من خلال الفصل 8-607، في حين يعرض الفصلين 9-607 و10-607 للمشاركة في الجرائم الماسة بنظم المعالجة الآلية للمعطيات حيث أكد الأول على تطبيق نفس عقوبة الجريمة المرتكبة أو العقوبة المطبقة على الجريمة الأشد على كل من اشترك في عصابة أو اتفاق تم لأجل الإعداد لواحدة أو أكثر من الجرائم المنصوص عليها في هذا الباب إذا تمثل الإعداد في فعل أو أكثر من الأفعال المادية إما بصنع تجهيزات أو أدوات أو إعداد برامج للمعلوميات مخصصة لأجل ارتكاب الجرائم المعاقب عليها في هذا الباب، أو تملكها أو حيازتها أو التخلي عنها للغير.

وقد خص المشرع المغربي الفصل 11 - 607 لتحديد العقوبات الإضافية المقررة لجرائم المس بنظام المعالجة الآلية المعطيات والمتمثلة في المصادرة والحرمان من الحقوق الوطنية أو المدنية أو العائلية الواردة في الفصل 26 من القانون الجنائي والحرمان من مزاولة الوظائف العمومية وبنشر أو بتعليق الحكم الصادر بالإدانة.

وهكذا يتبين لنا باستقراء هذه النصوص أنها تناولت بعض الجرائم المتعلقة بنظم المعلومات وكذا تلك المرتبطة بالاعتداء على البيانات والمعلومات المخزنة في الحاسوب وذلك بالغش أو التزوير أو المس بالحماية المقررة بمقتضى القانون المتعلق بالإخلال بسير نظام المعالجة الآلية، وكذا الحصول على تلك البيانات والمعلومات دون إذن أو بواسطة التحايل على الأجهزة، مما يؤدي الى حذف أو اضطراب في سير النظام أو تغيير المعطيات المدرجة، لكن هذه النصوص لم تشر إلى الاعتداء المادي على الأجهزة وأدوات الحاسب الآلي بالسرقة أو التخريب والإتلاف وذلك إيمانا من المشرع بأنها جرائم عادية تخضع للقانون الجنائي التقليدي كالسرقة مثلا ، كما لم يتعرض المشرع أيضا إلى جريمة التحايل على الحاسب الآلي وذلك لتحويل ونقل الأموال المتحصلة من الجرائم لغسلها أو تبييضها وذلك لتمويه السلطات عن مصدرها الحقيقي.

الفقرة الثانية: تمظهرات الحماية المقررة في مجموعة من القوانين الجنائية الخاصة

إلى جانب المقتضيات الواردة في القانون الجنائي المغربي أقرت مجموعة من القوانين الجنائية الخاصة حماية خاصة لمختلف المعاملات الالكترونية سنقتصر في هذا العرض على القانون المتعلق بتبادل البيانات والمعطيات (أولا)، وكذا القانون المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين اتجاه المعطيات ذات الطابع الشخصي (ثانيا).

أولا: الحماية المقررة بمقتضى القانون المتعلق بتبادل البيانات والمعطيات

انطلاقا من نصوص هذا القانون الذي يحمل رقم 53.05 يتبين أن المشرع المغربي أخذ بما ذهب إليه القانون النموذجي للتوقيع الالكتروني في مجمله وفي متطلبات التوقيع الالكتروني وقد نهج المشرع المغربي منهجا جديدا يتفق مع التطور وما اقتضاه التطور الحاصل على مستوى المعاملات الإلكترونية عموما والرسائل الالكترونية والتوقيع الالكتروني على وجه الخصوص وإضفاء الحجية عليها، على أن يستوفي التوقيع الالكتروني الشروط الواردة في هذا القانون الذي أحدث ثورة في قانون الالتزامات والعقود المغربي من أجل مواكبته مع التطورات الحاصلة في ميدان التعاقد الإلكتروني وتجاوز أي فراغ تشريعي في هذا المجال، كما أن هذا القانون لم يخلو من المقتضيات الزجرية من ذلك ما تنص عليه المادة 29 التي تعاقب من يقدم خدمات للمصادقة الالكترونية المؤمنة دون أن يكون معتمدا وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 21 ، كما يعتبر فعلا جرميا حسب نفس المادة 29 مواصلة نشأتها مقدم خدمة المصادقة الالكترونية رغم سحب اعتماده أو إصدار أو تسليم أو تدبير شهادات الكترونية مؤمنة خلافا لأحكام المادة 20، كما أن المادة 23 من نفس القانون تلزم مقدم خدمات المصادقة الالكترونية الذي يصدر أو يسلم أو يدبر الشهادات الالكترونية بأن يخبر الإدارة سلفا برغبته في إنهاء نشاطه داخل أجل أقصاه شهران تحت طائلة العقوبة المنصوص عليها في المادة 36 من هذا القانون.

والملاحظ أن كل الجريمتين المنصوص عليها في المادتين 29 و 36 من الجرائم الشكلية التي لا شتر به تحقق النتيجة الإجرامية إذ يكفي نحقق أحد الأفعال التي حددتها المادتين المذكورتين وذلك بغض النظر عن النتائج التي يمكن أن تترتب عن إصدار أو تسليم شهادة الكترونية مؤقتة من طرف مقدم خبرة مصادقة غير معتمدة مثلا.

وفي ضوء المادة 30 من هذا القانون جرم المشرع المغربي إفشاء المعلومات العهود بها إلى مقدم خيمة الصادقة الالكترونية في إطار ممارسة نشاطه أو ووظيفته أو التحريض على نشرها أو المساهمة في ذلك، واستثنى من ذلك أعمال النشر أو التبليغ المرخص به كتابة على دعامة ورقية أو بطريقة الكترونية ، إذا قام بها صاحب الشهادة الالكترونية.

وبالإضافة إلى تجريم الأفعال المرتكبة من طرف مقدمي خدمات المصادقة الالكترونية ، فإن المشرع المغربي ولتكريس حماية جنائية أكثر فعالية ، فقد جرم أفعال الإدلاء بتصاريح كاذبة أو تسليم وثائق مزورة إلى مقدم خدمات المصادقة الالكترونية حسب ما تقيد به المادة 31 من نفس القانون .

ومن أجل ضمان سلامة تبادل المعطيات القانونية بطريقة الكترونية وضمان سريتها وصحتها، فرض المشرع حماية جنائية خاصة للمواد الإلكترونية من خلال تعرضه لمسألة التشفير الإلكتروني وتجريمه لمختلف صوره من خلال المادة 32 التي تجرم استيراد أو توريد أو استغلال أو استعمال إحدى الوسائل أو خدمة من خدمات التشفير دون الإدلاء بالتصريح أو الحصول على الترخيص المنصوص عليهما في المادتين 13 و 14 من القانون رقم 05 – 53.

ولتحقيق حماية جنائية للتوقيع الإلكتروني، عاقبت المادة 35 كل استعمال غير قانوني للعناصر الشخصية لإنشاء التوقيع المتعلقة بتوقيع الغير، وحماية لحجية الشهادة الالكترونية جرمت المادة 37 الاستمرار في استعمال الشهادة المذكورة بعد انتهاء مدة صلاحيتها أو بعد الغائها.

وقد عاقب المشرع المغربي صور التجريم التي تطرقنا لها بعقوبات سالبة للحرية وأخرى مالية.

وتتمثل العقوبات السالبة للحرية التي نص عليها القانون رقم 05 - 53 في عقوبات حبسية وأخرى سجنية ، فالعقوبة الحبسية نصت عليها المواد 29 - 30 - 31 - 32 - 35 - 36 - 37 من القانون المذكور وتتراوح بين شهر وخمس سنوات، أما العقوبة السجنية فقد نصت عليها المادة 33.

وفيما يخص العقوبات المالية فقد نص عليها هذا القانون إضافة إلى المواد المحددة للعقوبات الحبسية المذكورة أعلاه مضافة إليها المادة 38 التي تنص على غرامة من 50.000 إلى 500.000 درهم دون تحديد العقوبة الحبسية التي اكتفى المشرع بخصوصها بالإحالة على المقتضيات الجنائية الأكثر شدة، والغرامة المنصوص عليها في القانون رقم 53.05 يتراوح بين 10.000 درهم كحد أدنى و 500.000 درهم كحد أقصى في مجملها .

وتجدر الإشارة إلى أن الغرامات المنصوص عليها في هذا القانون ترفع إلى الضعف إذا كان مرتكب الجريمة شخصا معنوياً دون الإخلال بالعقوبات الممكن تطبيقها على المسيرين الذين يثبت ارتكابهم لفعل جرمي منصوص عليه بمقتضى نفس القانون ، كما أن الشخص المعنوي يتعرض لبعض العقوبات الإضافية التي حددتها المادة 40 في ؛

· المصادرة الجزئية لممتلكاته
· المصادرة المنصوص عليها في الفصل 80 من القانون الجنائي (تدبير وقائي )
· إغلاق مؤسسات الشخص المعنوي التي استعملت في ارتكاب الجرائم .

وهكذا يتضح لنا جليا موقف المشرع المغربي من خلال هذا القانون الذي يعتبر خطوة جادة نحو إرساء الاطمئنان في مجال التبادل الالكتروني للمعطيات القانونية، وانعكاس ذلك على استقرار المعاملات التي تتم عن طريق التعاقد الالكتروني، فهذه القواعد تصب كلها في اتجاه إضفاء الحماية الجنائية الفعالة التي تؤمن الثقة في إبرام المعاملات التجارية بواسطة الوسائل التكنولوجية الرقمية الحديثة، وهو نفس الهدف الذي توخاه المشرع المغربي من خلال القانون المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين اتجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي.

ثانيا : الحماية المقررة بمقتضى القانون المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين اتجاه المعطيات ذات الطابع الشخصي

سار المشرع المغربي مع التوجه التشريعي في الكثير من الدول الذي يهدف إلى تحقيق حماية فعالة للبيانات التي يتم تبادلها إلكترونيا، فأصدر القانون المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين اتجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، وهو تشريع يهدف بالخصوص إلى حماية الأشخاص الذاتيين من الاطلاع على بياناتهم الإسمية والشخصية التي يدلون بها عبر الشبكة العنكبوتية، فلا يخفى على أحد ما يثيره التبادل الإلكتروني للمعطيات من مشاكل عديدة بشأن توفير الحماية القانونية للمتعاقدين بالشكل الإلكتروني عند إدلائهم بالمعطيات ذات الطابع الشخصي سواء قبل أو أثناء عملية إبرام العقد.

وقد تضمن هذا القانون في الباب التاسع منه مجموعة من النصوص الزجرية التي تحمي عمليات المعالجة و تحمي المعطيات الشخصية ،المعالجة ومن أهمها ما نصت عليه المادة 53 التي عاقبت بالغرامة من 20.000 درهم إلى 200.000 درهم في حالة رفض المسؤول عن المعالجة حقوق الولوج أو التصريح أو التعرض المنصوص عليها في المواد 7 و 8 و 9 من القانون -08 09 . كما جرمت المادة 63 عملية ذات طابع شخصي نحو دولة أجنبية خرقا لأحكام المادتين 43 و 44 من نفس القانون .

وتطرق هذا التشريع إلى الحالات التي تؤدي للاستعمال التعسفي أو التدليسي للمعطيات المعالجة أو إيصالها لأغيار غير مؤهلين من طرف المسؤول عن المعالجة، أو كل معالج من الباطن أو كل شخص مكلف بفعل مهامه بمعالجة معطيات ذات طابع شخصي، وحددت العقوبة من 6 أشهر إلى سنة وغرامة من 20.000 إلى 300.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين.

المطلب الثاني: الإثبات في الجرائم الالكترونية

إن الإثبات الجنائي هو العصب الرئيسي للحكم الجنائي إذ فيه وحده يكمن السر الذي يقود القاضي إلى إصدار الحكم بالإدانة أو بالبراءة ومع تعاظم أهمية التكنولوجيا والمعلوميات في عصرنا الحالي فتح الباب أمام ارتكاب صور من الجرائم لم تكن معروفة في السابق التي أصبحت تعرف بالجرائم الالكترونية مما طرح إشكالية إثبات هذه الجرائم و كيفية الحصول على الدليل الالكتروني حتى يعرض أمام القاضي الجنائي.

الفقرة الأولى: وسائل إثبات الجرائم الالكترونية

تعد الدعوى الجنائية همزة الوصل بين الجريمة المرتكبة و العقوبة و التي تهدف إلى تحويل الشبهات القائمة على الشك إلى حالة اليقين و الاثبات أو الدليل الالكتروني كما عرفه رأي في الفقه " بأنه الدليل المأخوذ من أجهزة الحاسب الآلي و يكون بشكل مجالات أو نبضات مغناطيسية أو كهربائية ممكن تجميعها وتحليلها باستخدام برامج و تطبيقات و تكنولوجيا خاصة، و يتم تقييمها في شكل دليل يمكن اعتماده أمام القضاء ".

إن أهم الأدلة الالكترونية التي يمكن الاعتماد عليها لإثبات الجرائم هي البصمة الرقمية أو الأدلة المعلوماتية، وهي تلك الأدلة التي تترك دون أن يكون الشخص راغبا في وجودها، فمستخدم النظام المعلوماتي و شبكة الاتصالات يترك آثار بسبب تسجيل الرسائل المرسلة منه أو المرسلة إليه و كافة الاتصالات التي تمت من خلال النظام المعلوماتي و شبكة الاتصالات، إلا أن هذا النوع من الأدلة لم أساسا للحفظ من طرف من صدر منه بحكم أن الوسائل التقنية الخاصة تمكن من ضبط هذا النوع من الجرائم ولو بعد مدة زمنية من تنشؤها فالاتصالات التي تتم عبر المنظومة المعلوماتية المرتبطة بشبكة الاتصالات، وكذا المراسلات الصادرة من الشخص أو التي يتلقاها يمكن ضبطها بواسطة تقنية خاصة بذلك و ماله أن يتوصل أحد الأشخاص عبر البريد الالكتروني مع غيره لتحريضه بطريقة غير مباشرة على تنفيذ بعض الأعمال التخريبية في بلد معين و ذلك بتزويده ببعض الصور التخريبية في أحد البلدان مما يجعل تلك الصور مما يجعل تلك الصور تسجل بطريقة عرضية على الحاسب الآلي.

وتبرز أهمية التمييز بين هاذين النوعين من خلال كون النوع الأول يعمد إلى حفظه للاحتجاج به، وبذلك فقد أعد سلفا كوسيلة لإثبات بعض الوقائع بحكم قلة إمكانية فقدانه، كما يكون من السهل الوصول إليه، أما النوع الثاني من الأدلة الالكترونية فيكون الحصول عليها عن طريق اتباع تقنيات خاصة لا تخلوا من الصعوبة و التعقيد لأنه لم يعد أصلا لكي يكون أثرا لمن صدر عنه، و نذكر منها على سبيل المثال الملفات التي يتم حذفها والتي يتم استعادتها بعد ذلك من طرف المختصين والخبراء.

أما بخصوص المعاينة كوسيلة للإثبات في الميدان الجنائي الذي يتم عبر الانتقال إلى مسرح الجريمة لمعاينته، ومسرح الجريمة الالكترونية يختلف طبعا عن الجريمة التقليدية، وهكذا يرى البعض أن أهمية الدليل الإلكتروني تتضاءل في الجريمة الإلكترونية و ذلك لأنها لا تخلف آثار مادية كما أن طول الفترة الممتدة بين ارتكاب الجريمة و اكتشافها يكون له التأثير السلبي على الآثار الناجمة عنها بسب محو أو اتلاف تلك الآثار.

ويطرح هذا الوضع الذي نص عليه قانون المسطرة الجنائية في المادة 57 منه حيث نص على أنه" يجب على ضابط الشرطة القضائية الذي بحالة تلبس بجنحة أو جناية أن يخبر بها النيابة العامة فورا و أن ينتقل في الحال إلى مكان ارتكابها للإجراء المعاينات المفيدة ".
و هنا يطرح سؤال أهمية المعاينة في الجريمة المعلوماتية على اعتبار أن هذه الأخيرة لا تترك أدلة مادية في الواقع إذ يقوم الجاني بطمسها سواء بالحذف أو التغيير أو غيرها من الأفعال المنصوص عليها قانونا ناهيك أن الجريمة الإلكترونية في أغلب الاحيان تكون غير تلبسية، الأمر الذي يتساءل فيه عن حدود ضابط الشرطة القضائية او قاضي التحقيق في التقاط المكالمات والاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد كما ان المادة 108 من ق مج المذكور قد سكتت عن تحديد لحظة التقاط البيانات و المعطيات المرتبطة بالاتصالات عن بعد.

و بخصوص الشهادة فهي تبقى متروكة لفطنة المحقق و مرتبطة بظروف التخفيف و ما تسفر عنه، والشاهد في الجريمة الإلكترونية هو ذلك الشخص صاحب الخبرة المتخصص في تقنيات و علوم الحاسب الآلي والذي تكون لديه معلومات جوهرية وهامة لازمة للولوج لنظام المعالجة الآلية للمعطيات، إذا كانت مصلحة التحقيق تقتضي التنقيب عن الأدلة داخله ويطلق عليه اسم الشاهد المعلوماتي و ذلك تمييزا له عن الشاهد التقليدي.

و تطبيقا لإجراء من إجراءات التحقيق تقوم به سلطة مختصة لأجل الدخول إلى الدخول إلى نظم المعالجة الآلية للبيانات بما تشمله من مدخلات و مخرجات لأجل البحث فيها عن افعال غير مشروعة تكون مرتكبة وتشكل جناية أو جنحة، والتوصل من خلال ذلك على أدلة تفيد في الاثبات.

كما أن التفتيش في الجريمة الالكترونية يثير العديد من الصعوبات التي تحول دون تحقيق الغاية من الحصول على الأدلة المتعلقة بالجريمة موضوع التفتيش نظرا للصعوبات التي تطرحها الطبيعة الافتراضية للجريمة الالكترونية و بالتالي الآثار المترتبة عليها.

الفقرة الثانية: مشروعية الأدلة الالكترونية

يعد الإثبات من أهم التحديات التي تواجه العدالة الجنائية ويزداد صعوبة في ظل الجريمة الإلكترونية، إن تفحص القواعد العامة للإثبات الجنائي عموما، ومن ناحية الجهات التي أوكل لها المشرع المغربي الاختصاص للبحث والتحري و التحقيق لرصد واقع الجرائم الالكترونية ما زالت قاصرة على المستوى الاجرائي الشامل للقاعدة القانونية المعلوماتية فهي لازالت قاصرة على الاحاطة المسطرية لمسرح الجريمة الالكترونية لعالم افتراضي دقيق و حساس و متغير و غير ثابت.

لكن رغم هذه المعيقات التي تحول دون الكشف عن مرتكبي هذه الجرائم ، نلاحظ أن القضاء المغربي يحلى بنوع من الجرأة و الحزم و الفطنة في عملية تكييفه لبعض الجرائم المعلوماتية طبقا للقواعد العامة المضمنة في القانون الجنائي، من منطلق الفصول الواردة في الباب العاشر الذي اتخذ " المس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات" عنوانا له وذلك في الفصول من 607-3 إلى 607-11 أو حتى فصول تعنى بجرائم أخرى كالفصل 540 المتعلق بجريمة النصب و الفصول من 575 إلى 579 التي تهم بعض الجرائم المتعلقة بالاعتداء على الملكية الأدبية و الفنية و غيرها خدمة للعدالة الجنائية رغم قصور النص القانوني و بروز أزمة الشرعية الاجرائية لدى المشرع الجنائي المغربي.

فإثبات الجرائم الالكترونية تكتنفه مجموعة من الصعوبات ترجع لأسباب عديدة أهمها عدم وجود أثر مادي للجريمة المرتكبة، كما ان الجاني يستطيع تدمير دليل الإدانة في أقل من ثانية و الأكثر من ذلك فالإجرام المعلوماتي لا يعترف بالحدود إذ أن الجريمة قد تتم من مسافات بعيدة عبر اتصال هاتفي يمكن للجاني من خلاله إعطاء تعليماته للحاسب الآلي، و مما يزيد من استعصاء إثبات هذه الجرائم أن المجني عليهم يحجمون عن الإبلاغ عن وقوعهم ضحية لها، بل حتى لو وضعت السلطات الأمنية يدها على الواقعة فإن الضحايا يمتنعون عن مساعدة هذه السلطات أملا في استقرار حركة التعامل و يفضلون إخفاء أسلوب ارتكاب الجريمة مخافة إتاحة الفرصة للآخرين لتقليدها، كما أن الكشف عن الجرائم التي تقع ضحيتها المؤسسات من شأنه الإضرار بها نتيجة ضياع ثقة المساهمين و عدم زعزعة سمعتها و أفيد بكثير من الابلاغ عن بعض الجرائم التي ترتكب ضدها، و قد لا يتبين من وراء تقديم الشكاية بشأنها لصعوبة إثباتها حتى لو كلفها الأمر التضحية بمبالغ مالية كبيرة، أضف إلى ذلك أن مقترفي هذا النوع من الجرائم لا يخضعون لأي مراقبة قبلية أثناء تصميمهم و إقدامهم على ارتكاب جرائمهم فغياب هذه المراقبة و التطور السريع الذي يعرفه ميدان المعلوميات يساعد في ذلك.

وإلى جانب ذلك فإن المعطيات المتداولة من صوت وصورة وكتابة سواء اتخذت شكل تجميع للمعطيات أو برامج حاسوب تتمثل كلها في أنظمة التشغيل في شكل الكتروني يتجسد في وحدات حسابية وفي أنظمة التطبيق، تندثر بسهولة فائقة فيكفي الضغط على زر في لوحة الاستخدام لزوال ملفات أو قواعد معطيات و أنظمة بأكملها، من هنا تأتي مشكلة ضبط هذه المعلومات وإحرازها في شكل الكتروني، ووضعها في قالب الكتروني لاستغلالها في الاثبات.

وإذا كانت بعض الأجهزة الحديثة التي تستعملها الأجهزة الأمنية في الأبحاث الجنائية الحديثة تسمح بالوصول إلى مرتكبي هذه الجرائم إلا أن هذا الأمر رهين بتوفر هذه العناصر - الأمنية - خبرة عالية، و يضاف إلى هذا شكل الولوج إلى بعض المعلومات المحفوظة تحت رقم أو رمز سري أو المشفرة كليا، أما المستندات و الوثائق التقليدية من أوراق مطبوعة و كتابات خطية أو حتى دعامات الكترونية من أقراص صلبة التي تساعد في تذليل صعوبات الإثبات فإنها لا تتاح دائما لاسيما في مواجهة الاشخاص السيئ النية أو المجرمين المتمرسين، فعلاوة على لجوء هؤلاء إلى تطهير المحيط الذي يعملون فيه، فهم يعمدون دائما إلى حفظ المعطيات باستعمال أرقام أو رموز سرية أو حتى استعمال تقنية التشفير، كما أن المعالجة الآلية للمعطيات في الملفات الإلكترونية أو المخزنة في ذاكرة الحاسوب والتي يتم حجزها يمكن أن تشكل عائقا أمام أجهزة العدالة الجنائية.

إن البصمات أو الآثار الشخصية أو التوقيع إن كان هناك توقيع أو بصمات فلا تدل على شخص معين، لأن هذه الآثار الشخصية لم تكن مجسدة ماديا أو حتى إلكترونيا في كثير من الأحيان بقدر ما يستدل عليها بقرائن كحيازة حاسب آلي أو رقم سري للولوج إلى المعلومات أو لاستخدامه و أيضا التوفر على المهارة التقنية للقيام ببعض التطبيقات المعقدة او للهجوم على قاعدة المعطيات أو على نظام.

ومع ذلك فإن الحاسوب يلعب دورا إن كان يستخدم في ارتكاب جرائم الكترونية فإنه م مهما في اكتشافها، و تتبع فاعليتها رغم الصفات الاستثنائية التي يتميز بها من ذكاء و علم بليغ بوسائل التكنولوجيا ذلك أن تحليل معلومات يحتويها جهاز حاسوب أحد المجرمين في إحدى الوقائع ساعد على تحديد مكان الفندق بالرباط فرضت مجموعة من البطائق البنكية بلغ عددها 45 بطاقة، و مكن من التعرف على المستخدم الذي قام بالعملية لفائدة ذلك المجرم.

و غني من البيان أن الحاسوب أصبح يشكل الركيزة الأساسية في إنتاج و تداول المعلومات إذ يعتمد على أسلوب عمله على البرنامج الذي يشكل القلب النابض بالنسبة إليه فهو الذي يوجه و يحدد مسار عمله أو طريقة تنفيذه للأوامر الموجهة إليه كما أن التطور الذي المستمر والمتنامي الذي تعرفه تكنولوجيا المعلومات بالموازاة مع النمو السريع عرفته تكنولوجيا الاتصال ساهم بدرجة كبيرة في تعدد أنماط جرائم المعلوميات.

خاتمة:
لقد أدى التطور التكنولوجي إلى ظهور أنماط مستحدثة من الجرائم لها مساس خطير بمجال التجارة الإلكترونية وهو ما دفع التشريعات سواء الوطنية أو الدولية بما فيها المغرب إلى تطوير قوانينها الجنائية سواء الموضوعية منها أو الشكلية وتحيينها وذلك بغية مكافحة هذه الجرائم ومحاولة الحد من انتشار بما يضمن استقرار المعاملات التي تتم بين الأشخاص عن بعد، وقد مست هذه التعديلات القانون الجنائي بشقيه الموضوعي و الاجرائي مع إبقاء هامش من الحرية للقاضي من أجل تمكينه من إعمال سلطته التقديرية بما يكون قناعته الوجدانية ويدفعه إلى تفريد العقوبة بناء على وسائل الإثبات التي وضعت بين يديه.
---------------------------------------
قائمة المراجع:
· الكتب:
* أحمد يوسف الطحطاوي، الأدلة الالكترونية ودورها في الاثبات الجنائي، دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة 2015
* محمد أمين الخرسة ، مشروعية الصوت و الصورة في الإثبات الجنائي، دراسة مقارنة، الطبعة الأولى، دار الثقافة عمان ، الأردن، 2011.
* عبد الفتاح بيومي حجازي، مكافحة جرائم الكمبيوتر والأنترنيت في القانون العربي النموذجي ، الطبعة الأولى ، دار الفكر الجامعية سنة 2006
* محمد العروصي، المختصر في شرح القانون الجنائي المغربي الجزء الثاني القانون الجنائي الخاص الطبعة الأولى 2018
* عبد القادر العرعاري، نظرية العقد دراسة مقارنة على ضوء التعديلات الجديدة - الكتاب الأول، الطبعة الثالثة مطبعة دار الأمان الرباط
· الرسائل والأطروحات:
* رسالة تحت عنوان "واقع" وافاق التجارة الإلكترونية في الجزائر" من إعداد الطالبة صراع كريمة، جامعة وهران سنة 2014.2013
* سعداني نعيم آليات البحث والتحري عن الجريمة المعلوماتية في القانون الجزائري، رسالة لنيل دبلوم الماجستير في العلوم القانونية جامعة الحاج لخضر باتنة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2012.
* محمد بوشية ، الاليات بين القواعد الليلية ومستجدات التقيات الحديثة ، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في الحقوق ، جامعة الحسن الثاني : 96 عن الشق ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الدار البيضاء ، السنة الجامعية 2003 - 2004
* صالح شنين الحماية الجنائية للتجارة الالكترونية دراسة مقارنة - رسالة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة أبوبكر بلقايد تلمسان السنة الجامعية: 2012 / 2013
· المقالات:
* أحمد ايت الطالب، تقنيات البحث و اجراءات المسطرة المتبعة في جرائم الانترنيت و المعلوميات، مقال منشور بمجلة الملف ، عدد التاسع، 9 نونبر 2006
* محمد كرام، صعوبة إثبات الجرائم المرتكبة من طريق التقنيات الحديثة مقال منشور بمجلة المحامي العدد 44-45
* يوسف أديب مقال منشور بمجلة المتوسط للدراسات القانونية و القضائية، العدد الأول، 2015
* مليكة أبوديار، الإثبات الجنائي في الجرائم الإلكترونية، مقال منشور بمجلة ا للأبحاث القانونية (إلكترونية)، 2018 العدد 2 ص 101
* جميلة عباوي مقال بعنوان "الحماية الجنائية للمعاملات الإلكترونية المجلة المغربية للقانون الجنائي والعلوم الجنائية العدد 3 ، سنة 2016 ص 92.
* خالد عثماني "مكافحة الجريمة الإلكترونية في ضوء التشريع المغربي" مقال منشور بمجلة العلوم الجنائية سعيد موقوش "
* الجريمة الإلكترونية وأزمة الشرعية الإجرائية " مقال منشور بمجلة الدراسات القانونية والقضائية، العدد الأول فبراير 2019 ، العدد 1 ، السنة 2014
* أنس برزجو: التشريعات الوطنية والدولية المتعلقة بالنظم المعلوماتية مقال منشور بمجلة مغرب القانون في 25 شتنبر 2018
* صباح أبو الستة مظاهر الحماية الجنائية للتعاقد الإلكتروني وفق القانون رقم 05/53 منشور بمجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية الطبعة الأولى 2019
* سلطان بن سالم البلوشي، ماهية عقد التجارة الالكترونية وطبيعته القانونية Maroc droit
* عائشة برشان، التأمين ضد جرائم التجارية الالكترونية مقال منشور بالمجلة المغربية للقانون الجنائي والعلوم الجنائية، العدد 5/4

التصميم
المبحث الأول: مظاهر الحماية الجنائية للتجارة الإلكترونية
المطلب الأول: التأمين ضد مخاطر الجرائم الالكترونية ذات الطابع التجاري
الفقرة الأولى: مفهوم التجارة الالكترونية
الفقرة الثانية: الحماية الجنائية للتجارة الالكترونية
المطلب الثاني: الحماية الجنائية للتجارة الالكترونية في إطار جرائم الأموال
الفقرة الأولى: جريمة النصب الإلكتروني
الفقرة الثانية: جريمة السرقة المعلوماتية
المبحث الثاني: مظاهر الحماية الجنائية للبيانات الشخصية في إطار التجارة الإلكترونية
المطلب الأول : تمظهرات الحماية الجنائية للتجارة الالكترونية في القانون الجنائي المغربي والقوانين الجنائية الخاصة
الفقرة الأولى: الحماية المقررة في القانون الجنائي المغربي
الفقرة الثانية : تمظهرات الحماية المقررة في مجموعة من القوانين الجنائية الخاصة
المطلب الثاني: الإثبات في الجرائم الالكترونية
الفقرة الأولى: وسائل إثبات الجرائم الالكترونية
الفقرة الثانية: مشروعية الأدلة الالكترونية

تعليقات